تواجه قارة إفريقيا العديد من الصعوبات الاقتصادية التي قد تجعلها وجهة غير آمنة للمستثمرين الباحثين عن الربح السريع، لكن فرص الاستثمار في إفريقيا على المدى البعيد قد تبدو واعدة للغاية.
ويؤكد الكاتب آكاش آغراوال في تقرير نشره موقع “مودرن دبلوماسي” (Modern Diplomacy) الأميركي، أن تباطؤ نسق النمو في أفريقيا من شأنه أن يثير مخاوف المستثمرين، لكن القطاعات الناشئة تشكل فرصة مهمة لأولئك الراغبين في تحقيق أرباح كبيرة على المدى البعيد.
والتركيبة السكانية الفتية والمؤشرات الواعدة في عدد من القطاعات ووفرة الموارد الطبيعية، كلها عوامل تشير إلى فرص نمو حقيقية في القارة الأفريقية خلال السنوات القادمة.
ويشير الكاتب إلى أنه حسب تقرير أصدره بنك راند ميرشانت (Rand Merchant) في 2019 عن أفضل الوجهات الاستثمارية في قارة أفريقيا، فقد احتلت مصر والمغرب وجنوب أفريقيا المراكز الثلاثة الأولى.
لكن ما القطاعات التي يمكن للمستثمرين أن يضعوا فيها أموالهم في القارة الأفريقية؟
فرص الاستثمار في إفريقيا وأهم القطاعات
هناك العديد من فرص الاستثمار في إفريقيا تعتبر واعدة ومربحة اقتصاديا حسب البلد وحسب تنوع القطاعات الاقتصادية المختلفة، فيما يلي أهم القطاعات التي تعتبر ذات فرص واعدة:
الزراعة
تعد الزراعة من بين أكثر القطاعات نموا في أفريقيا، ويساهم هذا القطاع بأكثر من 15% من الناتج المحلي الإجمالي للقارة، وقد حقق معدلات نمو جيدة بفضل السياسات الحكومية التي تعطيه أولوية قصوى.
ويعد البن والكاكاو والذرة والقمح من أهم المنتجات الزراعية في القارة، وتصنف غانا ونيجيريا وجنوب أفريقيا وإثيوبيا وأوغندا ضمن أفضل المنتجين.
وتعد وفرة الأراضي الصالحة للزراعة، وزيادة استخدام التكنولوجيا، وتوفر يد عاملة فتية، وزيادة الدعم الحكومي، من أبرز العوامل التي تغري بالاستثمار في هذا القطاع.
التصنيع
تتمتع أفريقيا بوفرة المواد الخام التي يمكن تحويلها بسهولة إلى منتجات مصنعة، ومن شأن ازدهار التصنيع أن يدفع عجلة النمو الاقتصادي والتنمية بشكل كبير في القارة، لكن هذا القطاع يواجه تحديات كبيرة مثل نقص اليد العاملة الماهرة ومشاكل البنية التحتية.
ورغم العراقيل، يبقى قطاع التصنيع في أفريقيا مجالا واعدا، إذ زادت نسبة صادرات السلع المصنعة من 18.7% في 2012 إلى 35.6% في 2017، مقابل تراجع كبير في الواردات والاعتماد بشكل أكبر على المنتجات المصنعة محليا.
تجارة التجزئة
يتوقع البنك الأفريقي للتنمية أن تنمو الطبقة الوسطى في القارة الأفريقية من 350 مليون نسمة حاليا إلى ما يقرب من مليار نسمة في 2040.
ومن شأن هذا النمو أن يسهم في تطوير قطاع التجارة بالتجزئة وتحديثه من أجل تلبية حاجيات الأعداد المتزايدة من المستهلكين.
ويُظهر أحدث تحليل أجراه معهد بروكينغز حول اتجاهات السوق الاستهلاكية الأفريقية، أن إنفاق المستهلكين نما بمعدل سنوي مركب قدره 3.9% منذ عام 2010، وبلغ 1.4 تريليون دولار أميركي في عام 2015، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 2.5 تريليون دولار بحلول سنة 2030.
ويرى الكاتب أن فرص الاستثمار الرئيسية في هذا القطاع هي تطوير البنية التحتية، وتأسيس الفضاءات التجارية عالية الجودة التي تحتاج إليها القارة بشكل كبير.
التمويل
يمثل القطاع المالي أحد أهم القطاعات في إفريقيا، فهو ينظم عملية التمويل في جميع القطاعات الاقتصادية، ويضمن الابتكار في هذا المجال تطوير الخدمات المصرفية وتسهيل دمج الأسواق والحد من المخاطر التي يتعرض لها المستثمرون.
وقد حققت دول مثل رواندا وغامبيا والسنغال تقدما هائلا في تطوير نظمها المالية والمصرفية، لكن تصنيف القارة على صعيد المؤشرات المالية تراجع بين 2017 و2018 بسبب تعثر جهود الإصلاح.
ومع ذلك، يؤكد الكاتب أن القطاع المالي بتأثيره الكبير على مجموعة واسعة من القطاعات مثل الرعاية الصحية والزراعة والإسكان والتعليم، يوفر فرصا واعدة للاستثمار.
البنية التحتية
تمثل مشاكل البنية التحتية عائقا كبيرا أمام الاستثمار والنمو الاقتصادي في أفريقيا، كما أن هناك فجوة واسعة بين احتياجات البنية التحتية في القارة والموارد المالية المخصصة لتطويرها.
في دول مثل إثيوبيا وتنزانيا، أسهمت مشاريع بناء الطرق ومشاريع الطاقة وغيرها في زيادة معدلات النمو الاقتصادي، كما كانت مشاريع البناء ومد الجسور في مصر إحدى وسائل توسيع النشاط الاقتصادي.
وتخلق مشاريع البنية التحتية فرصا للعمل وتنعش سوق الصناعات المحلية في ظل الطلب المتزايد على السلع لإنجاز المشاريع الكبرى.
وشهد قطاع العقارات في أفريقيا تطورا ملحوظا، وقد تشكل عائداته الكبيرة عامل جذب للمستثمرين الأجانب، رغم بعض العراقيل والمخاطر، ومن أبرزها مشاكل الملكية الفردية.
ويمكن أن تتحول القارة الأفريقية رغم كل التحديات والعراقيل التي جعلت منها لمدة طويلة وجهة استثمارية محفوفة بالمخاطر، إلى أرض للفرص الواعدة.