جدول المحتويات
إفريقيا: ضحية أزمة تغير المناخ بدون تسبب حقيقي
لا تزال إفريقيا ضحية للكثير من برامج التنمية العالمية باعتبارها المالكة الرئيسة لنسبة كبيرة من الموارد الطبيعية اللازمة التي عليها الطلب لإبقاء البشر والحفاظ على كوكب الأرض. ولا يزال العالم المتقدم والدول الصناعية تستغل إإفريقيا بصورة ممنهجة من أجل مصالحها، وعندما يتعلق الأمر بدفع تكاليف الآثار الكارثية التي تسببها نفس الدول المتقدمة النمو، تشعر إفريقيا بالألم كما هو الحال في تغير المناخ.
إن القارة مجبرة من خلال الترتيبات العالمية على وقف بعض المصادر الرئيسية للدخل الاقتصادي والتخلي عنها لمجرد أن قارات أخرى قد تسببت بالفعل في ضرر للعالم من خلال الاستفادة من الموارد نفسها منذ سنوات مما وضعها في صدارة المطاف وفي وضع أفضل المستوىات المعيشة المرتفعة والرفاه الاقتصادي والرخاء.
والجدير بالذكر، أنّ القارة تمثل أقل من 3٪ من إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة التراكمية في العالم منذ بداية الثورة الصناعية، وهي على الخط الأمامي لأزمة المناخ التي تدفع فاتورة لها على حساب أولويات أخرى. “إن بلداننا مجبرة بالفعل على إنفاق ما بين 2٪ و 5٪ من ناتجها المحلي الإجمالي كل عام للتعامل مع مشكلة لم تخلقها. هذا من أحد جوانب المظالم الصادمة ضد القارة”، قاله موسى فكي محمد، رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، في قمة حول تكيف إفريقيا عقدت في روتردام في سبتمبر٢٠٢٢م، والتي لم يعتبرها رؤساء الدول الصناعية مناسبة للحضور.
فجوة هائلة لتمويل مواجهة تغير المناخ في إفريقيا
إفريقيا تطلب 2.8 تريليون دولار بحلول عام 2030 للقيام بدورها في الحدّ من ارتفاع درجة حرارة العالم إلى 1.5 درجة مئوية ومعالجة آثار تغير المناخ. ومع ذلك، تلقت القارة بأكملها [1]30 مليار دولار فقط من تمويل المناخ العالمي في عام 2020م. وهذا ظلم من جانب الدول المتقدمة النمو التي تسببت في الكارثة لمناخنا. ويمكن لإفريقيا أن تمضي قُدُماً في الاستفادة من الموارد المتصلة بالمناخ والاستفادة الاقتصادية [2]التي قد تؤدي إلى تفاقم الكارثة المناخية في العالم.
أما الآن، وفقا للفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ (IPCC) في تقريره لعام 2014، فإن مخاطر تغير المناخ موزعة بشكل غير متساوٍ وبحلول عام 2050، ستكون إفريقيا القارة الأكثر تضررا. وتقع سبعة من البلدان العشرة الأكثر عرضة لخطر تغير المناخ في إفريقيا (سيراليون وجنوب السودان ونيجيريا وتشاد وإثيوبيا وجمهورية إفريقيا الوسطى وإريتريا). بيد إفريقيا تساهم بنسبة ٤٪ أربعة في المائة فقط من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية.
على الرغم من أنها مسؤولية جماعية عالمية لإنقاذ كوكب الأرض وتنفيذ سياسة المناخ الدولية، إلا أن العالم المتقدم الصناعي وخصوصاً الولايات المتحدة وأوروبا بحاجة إلى الوفاء بالتزاماتهما تجاه تغير المناخ بشكل واقعي وعملي. ففي قمة مؤتمر الأطراف COP27 الجارية في شرم الشيخ، مصر، أكد القادة الأفارقة على الحاجة إلى إعادة النظر في الجهد العالمي تجاه القارة من حيث التمويل لمعالجة أزمات المناخ المستمرة والتخفيف من الآثار المحتملة لتلك المحتملة في المستقبل.
ودعا فخامة الرئيس السنغالي ورئيس الاتحاد الإفريقي، ماكي صال، قادة العالم في القمة إلى الوفاء بجميع الالتزامات المتعلقة بتغير المناخ، قائلاً: إن التعهد بتقديم 100 مليار دولار لم يعد كافيا ويجب رفعه إلى 200 مليار دولار. وعلى نفس المنوال، يُذَكّر فخامة رئيس جمهورية ليبريا، جورج ويا، الجهات الفاعلة العالمية في مكافحة تغير المناخ بعدم الإنصاف وعدم التوازن في الاستجابة لشواغل الأطراف، ولا سيما الأطراف التي هي الضحية الرئيسة لإجراءات الدول المتقدمة النمو.
وأن التدفقات المالية داخل البلدان لا تزال غير متناسبة وغير عادلة بالنسبة للبلدان المنخفضة الانبعاثات، ولا سيما البلدان ذات القدرة الكبيرة على احتجاز الكربون، التي يتوقع منها أن تحتفظ بغاباتها دون أن تعود فائدة متناسبة على سكانها[3]“.
ومن المؤسف أنّ مرتكبي الجرائم المناخية الرئيسيين يجبرون الضحايا بصورة منهجية على التخلي عن بعض المصادر الرئيسية للإيرادات كالتزام بالتصدي لتغير المناخ. ومع ذلك، فإنهم يترددون بشكل منهجي في الوفاء بالتزامهم الدولي التمويلي. فعلى سبيل المثال، تمتلك ليبيريا أكثر من 43٪ من غابات غينيا العليا المتبقية المطيرة في غرب إفريقيا وهي غنية بالتنوع البيولوجي، بما في ذلك أنواع الحيوانات المستوطنة و2000 نبات مزهرة[4].
وبالتالي، فإن قطع الأشجار والتجارة بها هو أحد المصادر الأساسية لإيراداتها، ولكن القطاع يخضع لتنظيم صارم استجابة لطلب المجتمع الدولي بالتصدي لتغير المناخ بعدم التصحر وقطع الأشجار. وعلى الأقل، فإن مثل هذا الالتزام من جانب أقل الدول نموا يحتاج إلى تعويض بجهد دولي لإنقاذ كوكبنا. [5]

والمستويات الحالية لتمويل المناخ في إفريقيا أقل بكثير من الاحتياجات. يتطلب تمويل المناخ في إفريقيا البالغ 2.5 تريليون دولار أمريكي بين عامي 2020 و 2030، في المتوسط، 250 مليار دولار أمريكي كل عام. بلغ إجمالي تدفقات تمويل المناخ السنوية في إفريقيا لعام 2020، المحلية والدولية، 30 مليار دولار أمريكي فقط (مؤشر أسعار المستهلك القادم قريبا)، أي حوالي 12٪ من المبلغ المطلوب.
قد يعجبك أيضا:
- كجزء من دفع الطاقة النظيفة في كينيا، تطلق نيروبي أول حافلة كهربائية (2022)
- آفاق الاقتصاد الإفريقي لعام 2022
الفجوة التمويلية كبيرة: يبلغ الناتج المحلي الإجمالي لجميع البلدان الإفريقية مجتمعة 2.4 تريليون دولار أمريكي (البنك الدولي 2021)، مما يعني أن 10٪ من الناتج المحلي الإجمالي السنوي الحالي لإفريقيا يحتاج إلى تعبئة تتجاوز التدفقات الحالية كل عام على مدى السنوات العشر المقبلة. وعلى النقيض من ذلك، تم إنفاق 4.95٪ من الناتج المحلي الإجمالي على الصحة في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في عام 2019.[6]
الحلول والتوصيات
بعد تشخيص مشكلة تمويلية وآثار تغير المناخ بالإضافة إلى دور الدول الصناعية في خلق المشكلة، يتأتى علينا تسليط الضوء بشكل مختصر على بعض الحلول والمخارج للقارة الإفريقية لهذه لكارثة المناخية.
- أولها: رغم وجود الالتزامات الدولية لتمويل جهود مجابهة التغيير المناخي، فلا بد للاتحاد الإفريقي سن السياسات الصارمة وحث دول القارة بأخذ التدابير التقنية والطبيعية والاستباقية لتقيل حدة انبعاثات الغازات الدفيئة.
- ثانيها: رغم وجود بعض العوائد الاقتصادية والتنموية من تغير الطبيعة وتطويعها لكن التلوث البيئي وتغيير ورفع الحرارة تعكس سلباً على الصحة التي أكبر مطالب التنمية والتطوير. وعليـــــه، على البلدان الإفريقية الأخذ بالاعتبار عدم قطع الأشجار بشكل يتأثر به المناخ سلباً كما أنّ عليه السعي إلى استخدام الطاقة النظيفة المتجددة.
- ثالثها؛ والأخيرة، وضع نسبة معينة فعلية من ميزانيات دول القارة سنوياً لمواجهة ومحاربة تغيير المناخ. فالمشكلة مشكلة إفريقيا، فليس من الحكمة انتظار المجتمع الدولي والدول الصناعية حلها، فعليها المبادرة الفعلية الجادة حسب طاقاتها الاستيعابية والاقتصادية والفنية.
ختاماً، تُسْهِم إفريقيا بنسبة أربعة في المائة فقط (4٪) من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية، وقدم 51 من أصل 53 بلدا إفريقيا مساهمات محددة وطنيا قدمت بيانات عن تكاليف تنفيذ المساهمات المحددة وطنيا. وبناء على هذه البيانات، سيكلف تنفيذ المساهمات المحددة وطنيا NDC في إفريقيا حوالي 2.8 تريليون دولار أمريكي بين عامي 2020 2030 كما في الشكل (1). وهذا أمر ضخم بالنسبة لقارة تكافح بالفعل من أجل تلبية أولوياتها الأخرى في بناء البنى التحتية وغيرها. وبالتالي، فإن الظلم المناخي الذي يلحق بإفريقيا يحتاج إلى معالجة عملية من الدول الصناعية المسببة الرئيسية للمشكلة و ليس فقط من خلال التزامات فارغة.
الإحالات [1] Laurence Caramel, A shocking injustice:' Africa, the continent paying for the effects of a climate crisis it did not cause (2022) 'A shocking injustice:' Africa, the continent paying for the effects of a climate crisis it did not cause (lemonde.fr) accessed on 7/Nov./2022 [2] Amina JM Mohammed, Africa is being devastated by a climate crisis it didn’t cause. Cop27 must help, (2022), Africa is being devastated by a climate crisis it didn’t cause. Cop27 must help | Amina J Mohammed | The Guardian [3] Independent Probe, Weah Addresses COP27, (2022), President Weah Addresses COP-27 - Independent Probe Newspaper accessed on 10/Nov./2022 [4] BioCarbon fund, Liberia Forests Program, https://www.forestcarbonpartnership.org/system/files/documents/Libera%20Forest%20Program%202%20pager.pdf [5] Ahramonlin, Africa needs $200 bln to face climate change ramifications: AU president - Climate change - COP27 - Ahram Online accessed on 9/Nov/2022 [6] Sandra Guzmán, Greta Dobrovich, Anna Balm and Chavi Meattle , Climate Finance Needs of African Countries, Climate Policy Initiative, (June 28, 2022), Climate Finance Needs of African Countries - CPI (climatepolicyinitiative.org) accessed on 10/ Nov/2022