أمرت إثيوبيا بنوكها برفض صرف العملات الأجنبية للشركات المستوردة للسلع غير الأساسية، في محاولة لدعم احتياطيات النقد الأجنبي في إثيوبيا التي تمثل أحد الاقتصادات الكبرى في إفريقيا.
وتُجمد هذه الخطوة بشكل فعال استيراد عشرات العناصر من السلع التي ليست في قائمة الأولويات ضمن الخطة التنموية التي وضعتها السلطات المعنية، مثل الكحول والسيارات، حيث يتعين على الشركات التسجيل لدى البنوك للحصول على العملة الأجنبية اللازمة لاستيراد البضائع إلى البلاد.
وفي هذا الصدد، قالت وزارة المالية الإثيوبية، في خطاب إلى البنك المركزي، إنه أصبح من الضروري تقييد استخدام العملات الأجنبية لاستيراد المواد الغذائية والأدوية والمعدات الطبية ، وكذلك المواد الخام للتصنيع.
“لذلك … نرسل قائمة بالأصول التي لن يُسمح لها بتداول العملات الأجنبية لفترة غير محددة” – تغريدة على حساب تويتر لوزير الصناعة ميلاكو ألبيل أديس يوم السبت.
تشمل القائمة التي تضم حوالي 40 منتجا تتدنى أهميتهما في سلم قائمة الأولويات مثل المركبات والدراجات النارية وساعات الحائط والمظلات والسجاد والصابون والكحول والعطور والسجائر وغيرها.
سبق وأن وضعت إثيوبيا تدابير مختلفة للتحكم في تقلبات أسعار الصرف وحماية الإنتاج المحلي والشركات الوطنية في ظل تقلبات الاقتصاد العالمي الحادة وآثار جائحة كورونا التي أثرت في سلسلة الإمدادات العالمية والتوريد بشكل خاص من دول المنطقة؛ فضلا عن الآثار السلبية للحرب الداخلية على الاقتصاد الإثوبي والحياة الاجتماعية للمواطنين.
فخلال السنوات الأخيرة، ظل سعر الدولار مستقرا بين الخمسين “بيرا” إثيوبية وصولا إلى 52 بيرا إثيوبية، وظلت الأسعار على هذا المنوال لفترات طويلة، ولكن يصعب التحكم في كل المسارات التي ترتبط بتجارة العملة وتداولها داخليا؛ لاحتوائها على مخاطر منتظمة متعلق بسوق العملات والتي غالبا ما لا يمكن التحكم فيها أو إدارتها ومن ثم صعوبة التحكم في احتياطيات النقد الأجنبي في إثيوبيا.
جدول المحتويات
مستويات احتياطيات النقد الأجنبي في إثيوبيا
لا توجد أرقام عامة حديثة متاحة بشأن احتياطيات إثيوبيا من العملات الأجنبية. ففي أواخر مارس، أفاد البنك الوطني الإثيوبي أن الاحتياطيات انخفضت إلى 1.6 مليار دولار بنهاية عام 2021م، تغطي أقل من شهرين من الواردات، وفقًا لصحيفة The Reporter المحلية.
وقالت وزارة الخزانة الفرنسية في نشرة دورية هذا الشهر متحدثة عن إشكالية احتياطيات النقد الأجنبي في إثيوبيا: إن إثيوبيا، وهي دولة مستوردة إلى حد كبير، تعاني من نقص هيكلي في العملة الأجنبية “.
كما شددت السلطات الإثيوبية مؤخرًا القوانين المتعلقة بحيازات العملات الأجنبية للأفراد والشركات وحظرت جميع معاملات العملات الأجنبية في إثيوبيا.
كانت هناك أيضا حملة صارمة هذا الشهر على تداول العملات الأجنبية في السوق السوداء، حيث يمكن أن يصل الدولار الأمريكي إلى ما يقرب من ضعف سعر الصرف الرسمي وسط ارتفاع الطلب.
كما أعلن البنك المركزي هذا الشهر أنه أغلق ما يقرب من 400 حساب مصرفي يشتبه في ارتباطها بتداول العملات غير المشروع، ووعد بمكافآت مالية لأولئك الذين تحدثوا ضد لاعبي سوق الظل حماية لااحتياطيات النقد الأجنبي.
في واقع الأمر، لدى إثيوبيا أحد من أسرع الاقتصادات نموا في العالم، وثاني أكبر دولة في إفريقيا من حيث عدد السكان، وهذا بفضل إجراء الحكومة خصخصة للعديد من العقارات التي كانت مملوكة للدولة. ومع ذلك فإن بعض القطاعات مثل الاتصالات السلكية واللاسلكية، وخدمات النقل الجوي والبري لازلت بأيدي الحكومة، ومن المتوقع أن تظل تحت سيطرة الدولة إلى وقت يصعب توقعه.
احتمالية نشوء السوق السوداء للعملات الأجنبية
على الرغم من الجوانب الإيجابية لقرار تقيد استخدام العملات الأجنبية لدعم احتياطيات النقد الأجنبي في إثيوبيا، إلا أن هناك جوانب سلبية تنتج عن هذا التقييد مالم تتخذ تدابير حاسمة من شأنها، وأبرز تلك الجوانب السلبية نشوء سوق عملات سوداء في إثيوبيا.
بهذا القرار، قد تدفع السلطات الإثيوبية طالبي العملات الأجنبية من التجار وغيرهم بالبحث عن طرق بديلة للحصول عليها من أجل تخليص بعض معاملاتهم العالقة أو بغضر السفر إلى الخارج وغيره. وبالتالي ستنشط لوبيات العملات الأجنبية وخاصة عملة الدولاء وتنشئ كيانات موازية تعمل تحت الظل.
لأن قرار التقييد لم يشر إلى تدابير من شأنها احتواء احتمالية نشوء السوق السوداء ومحاربتها، أو توفير بدائل رسمية سهلة الاستخدام والوصول إلى العملة الأجنبية للقطاع الخاص الذي غالبا ما يتعامل مع شركات ومؤسسات مالية دولية وإقليمية، والعملة الوسيطة بينهم غالبا ما تكون ملة أجنبية قيادية.
لعل السلطات المالية في إثيوبيا تستدرك الأمر، وتسن قوانين وتشريعات من شأنها حماية المستثمر الأجنبي والمواطن في القطاع الخاص تحديدا لتسهيل عمليات الاستثمار والتصدير والتوريد، ومن ثم تسريع عجلة النمو الاقتصادي، وإلا فسوف خحسر إثيوبيا نموها المتسارع الذي حققته خلال السنوات المنصرمة.