في خطوة بارزة نحو تعزيز الروابط الثقافية والعلمية بين العرب وإفريقيا، اجتمع ممثلو جامعات ومؤسسات تعليمية ومراكز بحثية من 20 دولة عربية وإفريقية، من ضمنها جامعة شنقيط العصرية والمركز النيجيري للبحوث العربية، وأعلنو عن تأسيس “الاتحاد الأفريقي للأكاديميين العرب والمستعربين“، وذلك خلال مؤتمر دولي استضافته جامعة ابن زهر بمدينة أكادير، المغرب.
ويهدف هذا الاتحاد إلى توطيد أسس التعاون العلمي والثقافي عبر إنشاء منبر مدني يسهم في تعزيز الحوار والبحث العلمي حول القضايا القارية ويعمل كحاضن للإبداعات الثقافية والأكاديمية للمثقفين المستعربين في جنوب الصحراء.
جدول المحتويات
مؤتمر الناطقون بالعربية في إفريقيا جنوب الصحراء
في أكادير، شهدت الفترة من 24 إلى 26 فبراير 2024 انعقاد مؤتمر دولي رائد يبحث عن قضايا الناطقين باللغة العربية في إفريقيا جنوب الصحراء، مسلطًا الضوء على الهوية، الثقافة، واللغة. نُظّم هذا الملتقى، برعاية جامعة ابن زهر وشركائها، ليعكس التزامها بتعزيز الروابط الثقافية ودعم الشراكات الإفريقية. وبمشاركة باحثين من 20 دولة، تضمنت إفريقيا جنوب الصحراء والعالم العربي، أسس المؤتمر لتفعيل التعاون الأكاديمي والعلمي وتعزيز التفاهم المشترك.
جاء المؤتمر تحت شعار “الناطقون بالعربية في إفريقيا جنوب الصحراء: بين مطالب الهوية وأسئلة المرحلة”، وشهد مشاركة واسعة من باحثين وأكاديميين يمثلون مجموعة متنوعة من الدول والمؤسسات العلمية، مما يعكس الاهتمام المتزايد بدور الثقافة العربية وتأثيرها في النسيج الاجتماعي والعلمي لدول جنوب الصحراء.
هذا الحدث، الذي أكد الدور الطلائعي للمملكة المغربية في تعزيز التعاون القارّي، مثل خطوة مهمة نحو تقوية الشراكة المغربية الإفريقية عبر مختلف الأبعاد.
وبهدف تأسيس أسس شراكة علمية قوية، شدد المؤتمر على أهمية التبادل المعرفي وتطوير الدراسات الإفريقية لتعميق الفهم العميق لقضايا القارة. كما قدم فرصة لتأسيس فضاء علمي مشترك يخدم الأكاديميين، ويوسع الآفاق الأكاديمية أمام الطلاب والباحثين، مساهما في بناء جسور التواصل والتفاهم بين الثقافات والمجتمعات المختلفة.

ميلاد الاتحاد الإفريقي للأكاديميين العرب والمستعربين
توجت فعاليات المؤتمر بتوقيع اتفاقيات شراكة متعددة الأطراف وإعلان عن مبادرات هادفة لتعزيز الدراسات الإفريقية ودعم الثقافة العربية في القارة، بما في ذلك تأسيس مجلة علمية متخصصة وكرسي للدراسات الإفريقية. كما تم التأكيد على الدور المحوري الذي يلعبه المغرب في تعزيز العلاقات الثقافية والأكاديمية بين العرب وإفريقيا، مع الإشادة بالجهود الملكية في دعم التنمية الثقافية والتأطير الديني.
هذا الحدث يمثل نقطة تحول في تطوير العلاقات العربية الإفريقية، مؤكدًا على أهمية الثقافة والعلم كأسس لبناء جسور التفاهم والتعاون المستدام بين الشعوب. يسلط الضوء على الحاجة الماسة للتركيز على البحث العلمي والتبادل الثقافي كعناصر رئيسية في تعزيز الشراكة الإفريقية العربية وتطوير مجتمعاتها نحو مستقبل مزدهر ومستدام.
إن الاعتراف بالقيمة المضافة للثقافة العربية واللغة العربية كجزء لا يتجزأ من النسيج الثقافي لإفريقيا يعكس التزام المؤتمر بتعزيز التعددية الثقافية واللغوية. من خلال هذه المبادرات، يُشجع الاتحاد الأفريقي للأكاديميين العرب والمستعربين على إنشاء منصة مستدامة للتبادل العلمي والثقافي، مما يسهم في تنمية فهم أعمق وتقدير متبادل بين العرب وشعوب إفريقيا جنوب الصحراء.
في ضوء هذه الجهود، يتم تكريم الدور الريادي للمغرب وتأكيد مكانته كنقطة اتصال رئيسية بين العالم العربي وإفريقيا، من خلال تبنيه مبادرات تعزز الاندماج الثقافي وتقديم الدعم الأكاديمي. هذا النهج يعزز من رؤية المغرب كمحور للتنمية الثقافية والأكاديمية في القارة الإفريقية، ويسلط الضوء على أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه اللغة العربية والثقافة العربية في تشكيل مستقبل إفريقيا.
من خلال التأكيد على التزام الدول العربية، وبالأخص المغرب، بدعم الثقافة العربية في إفريقيا جنوب الصحراء، يعتبر المؤتمر خطوة حاسمة نحو تعميق العلاقات العربية-الإفريقية. إنه يدعو إلى تشجيع التعاون الثقافي والأكاديمي وتبني مبادرات مبتكرة تسهم في تقوية هذه الشراكة، مما يعكس الإرادة المشتركة لبناء جسور التفاهم وتعزيز التعاون بين العرب وإفريقيا.
بالتالي، يمثل تأسيس الاتحاد الأفريقي للأكاديميين العرب والمستعربين نقطة انطلاق نحو تحقيق تقدم ملموس في مجالات البحث العلمي والثقافة، مع الاهتمام بالقضايا الراهنة والمستقبلية التي تواجه القارة الإفريقية ودولها، بما يعزز المشترك الإنساني والحضاري بين العرب وإفريقيا.
وتُوِّج المؤتمر أيضا بتوقيع اتفاقيات تعاون أكاديمي متبادل بين جامعة بن زهر والعديد من الجامعات، والمعاهد، والمؤسسات الأكاديمية ومراكز الأبحاث التي حضر ممثلوها المؤتمر.
مشاهد من مراسم توقيع اتفاقية تعاون بين جامعة بن زهر وبعض المؤسسات التعليمية والأكاديمية في إفريقيا
توصيات عامة لتطوير الاتحاد
بصفتنا متخصصون في الشأن الإفريقي ومهتمون بالدراسات الثقافية والاجتماعية (هيئة التحرير في أفريكا تريندز)، نُقدّر عمق وأهمية تأسيس “الاتحاد الأفريقي للأكاديميين العرب والمستعربين” كمبادرة رائدة تهدف إلى تعزيز الروابط الثقافية والعلمية بين العالم العربي وإفريقيا. هذا التعاون يُعد خطوة استراتيجية نحو تحقيق فهم متبادل، وتعزيز التبادل المعرفي والثقافي. ولضمان الاستفادة القصوى من هذه المبادرة وتحقيق أهدافها بفعالية، يُنصح باتباع النقاط التالية:
- ترسيخ الاستقلالية: من الضروري أن يحافظ الاتحاد على استقلاليته الأكاديمية والثقافية، مع ضمان عدم تأثره بالتجاذبات السياسية القائمة، ليكون منبرًا محايدًا يخدم الأهداف الثقافية والتعليمية فقط.
- التنوع والشمولية: يجب على الاتحاد السعي لتمثيل شامل للأصوات من مختلف الدول الأفريقية والعربية، مع الحرص على إشراك النساء والشباب والمجتمعات المهمشة في عمليات صنع القرار والأنشطة الرئيسية.
- ضمان المشاركة الفعالة لجميع الأطراف المشاركة: من الأساسي ضمان مشاركة جميع الدول والأطراف المساهمة في تأسيس الاتحاد في عمليات اتخاذ القرارات المصيرية والجوهرية. هذا النهج يعزز مبدأ الشفافية ويضمن شعور جميع الأعضاء بالانتماء والولاء للاتحاد، مما يخلق بيئة تعاونية تسودها روح الفريق وتقود إلى اتخاذ قرارات متوازنة تعكس المصالح والأهداف المشتركة.
- تنظيم فعاليات وورش عمل مشتركة: تنظيم فعاليات وورش عمل تجمع بين الأكاديميين والباحثين من العالم العربي وإفريقيا يعزز من التبادل المعرفي ويفتح قنوات للحوار والنقاش حول القضايا المهمة. هذه الفعاليات تشكل فرصة لتشارك الخبرات، وتطوير الأبحاث المشتركة، وتعميق الفهم المتبادل، مما يساهم في تحقيق أهداف الاتحاد وتعزيز دوره كمنصة رائدة للتعاون الثقافي والعلمي بين العرب وإفريقيا.
- التركيز على الجودة الأكاديمية: ينبغي للاتحاد تشجيع ودعم الأبحاث والدراسات العلمية عالية الجودة التي تعالج قضايا ملحة تواجه القارة الإفريقية والعالم العربي، مع تعزيز النشر العلمي وتبادل المعرفة.
- بناء شراكات استراتيجية: تطوير شراكات مع مؤسسات أكاديمية وبحثية دولية يمكن أن يعزز من قدرات الاتحاد ويوسع نطاق تأثيره، مما يفتح آفاقًا جديدة للتعاون البحثي والثقافي.
- التكنولوجيا والابتكار: استخدام التكنولوجيا الحديثة والأساليب الابتكارية في تعزيز التبادل المعرفي والتعليمي، بما في ذلك منصات التعلم الإلكتروني والمؤتمرات الافتراضية، يمكن أن يعزز من فعالية أنشطة الاتحاد ويوسع نطاق وصوله.
- تعزيز الوعي الثقافي: يجب على الاتحاد تنظيم فعاليات ومبادرات تهدف إلى تعزيز الوعي والتقدير للتراث الثقافي واللغوي العربية في إفريقيا، بالإضافة إلى الاحتفاء بالتنوع الثقافي واللغوي الإفريقي. هذا سيساعد على تعزيز الفهم المتبادل ويقوي الروابط بين الشعوب.
- المرونة والتكيف: يجب على الاتحاد أن يكون مرنًا وقابلًا للتكيف مع التغيرات والتحديات الجديدة. القدرة على تحديث الأهداف والأساليب بناءً على التطورات والاحتياجات الجديدة ستكون حاسمة لنجاحه المستمر.
- التقييم والمتابعة: من الأهمية بمكان إنشاء آليات فعالة لتقييم البرامج والأنشطة وتتبع تقدمها، مما يسمح بتحسين مستمر وضمان أن الاتحاد يحقق أهدافه بأكبر قدر من الفعالية.
باتباع هذه التوصيات، يمكن لـ”الاتحاد الأفريقي للأكاديميين العرب والمستعربين” أن يُسْهِم بشكل كبير في تعزيز التعاون الثقافي والأكاديمي بين العالم العربي وإفريقيا، مما ينعكس إيجابا على تنمية القارة الإفريقية وتقدمها.
إن التركيز على الجودة الأكاديمية، والحيادية، والشمولية، فضلا عن الاستفادة من التكنولوجيا، وتعزيز الشراكات الاستراتيجية، سيضمن الاتحاد تحقيق