في تاريخ 21 يوليو 2021م، نشرت شبكة CNN Business خبراً يتحدث عن تطبيق جوال إفريقي متخصص في حجز الدراجات النارية في دولة توغو؛ ولكن طموحه أكبر من مجرد تقديم خدمة توصيل. سجلت دول آسيا نماذج رائعة في توفير التطبيقات الفائقة (Super Apps) واستخدامها؛ حيث أصبح بإمكان المستخدمين حجز الرحلات الجوية والبحرية وحجز الفنادق وممارسة الألعاب وغيرها، كل ذلك من خلال تطبيق واحد عبر الجوال. لكن في إفريقيا ما زالت الساحة فاضية سوى محاولات متواضعة في بعض الدول، مثل توغو ونيجيريا وجنوب إفريقيا.[1]
جدول المحتويات
التطبيقات الفائقة الإفريقية
في عام 2018م أُطلق تطبيق (Gozem) في غرب إفريقيا، وتحديدا في دولة توغو. بدأ التطبيق بتقديم خدمة طلب الدراجات النارية، ثم أضاف لاحقاً خدَمات مثل توصيل الطعام وتموينات من البقالات، وتمويل المركبات والمحفظة الرقمية، وما لبث إلى أن بدأ يتمدد خارج توغو ليصل إلى بنين والغابون.
في تاريخ 21 يوليو 2021م، نشرت شبكة CNN Business خبراً يتحدث عن تطبيق جوال إفريقي متخصص في حجز الدراجات النارية في دولة توغو؛ ولكن طموحه أكبر من مجرد تقديم خدمة توصيل. سجلت دول آسيا نماذج رائعة في توفير التطبيقات الفائقة (Super Apps) واستخدامها؛ حيث أصبح بإمكان المستخدمين حجز الرحلات الجوية والبحرية وحجز الفنادق وممارسة الألعاب وغيرها، كل ذلك من خلال تطبيق واحد عبر الجوال. لكن في إفريقيا ما زالت الساحة فاضية سوى محاولات متواضعة في بعض الدول، مثل توغو ونيجيريا وجنوب إفريقيا.[1]
يقول مُلّاك Gozem إنّ تطبيقهم قد حُمِّل 800 ألف مرة، وكتقديم خدمة طلب الركاب، أكملت الشركة أربعة ملايين رحلة مع 2500 سائق. تتوق الشركة إلى أن تكون قريبة من كل مواطن في الدول التي تنشط فيها حتى لا يمكن أن يستغني عن خدماتها أحد..
التطبيقات الفائقة تقدم خدمة الكل في واحد (All in One)
كل فرد منا، تقريبا بشكل يومي يحتاج إلى وسيلة نقل للتنقل من مكان إلى آخر، يحتاج إلى تناول طعام ووجبات غذائية، ويحتاج إلى دفع فواتيره الدورية أو سداد التزاماته المالية، فبلا شك إذا وُجدتْ وسيلة واحدة توفر لنا كل هذه الخدمات من خلال ضغط زر واحد عن طريق الهاتف الخلوي الذي لا يفارقنا -غالبا- فسنكون ممتنين لذلك وقد نكون أكثر إنتاجية وفعالية.
تجدر الإشارة إلى أن Gozem ليست هي الشركة الوحيدة التي تطمح لبناء تطبيق إفريقي فائق؛ بل إنّ شركة Gokada النيجيرية، التي بدأت نشاطها -أيضًا- كخدمة لتوصيل الركاب تبذل جهودًا مماثلة لشركة Gozem، وأيضا شركة الاتصالات الجنوب أفريقيةVodacom (VDMCY) ، التي تشارك مع Alipay الصينية تقدم خدمات مماثلة.
في واقع الأمر، تقديم حزمة من الخدمات المختلفة من خلال تطبيق واحد (كل شيء في واحد) وفي قطاعات مختلفة يكون منطقياً فقط في الأسواق الناشئة والتي لا يوجد فيها منافس على الإطلاق. أما في الأسواق المتقدمة أو التي توجد فيها منافسة قوية يجب التخصيص في تقديم خدمة واحدة فقط من أجل كسب حصة سوقية والحصول على ميزة تنافسية. لذا، تطبيق Gozem استهدف السوق الفرنكوفونية الإفريقية فقط (حاليا موجود في توغو، بنين، الغابون) ويحاول تغطية قطاعات مختلفة؛ لأنها غير مستغلة تماما.
هل فكرة تطبيق Gozem أصيلة أم مستنسخة؟
فكرة تطبيق Gozem مستوحات من تطبيقين رائدين في جنوب شرق آسيا، وهما تطبيقي غراب/جراب وغوجيك (Grab & Gojek). تطبيق جراب تابع لشركة Grab القابضة وهي شركة سنغافورية متعددة الجنسيات مقرها سنغافورة.[2] فضلا عن خدمات النقل، فإن الشركة تقدم خدمات توصيل الطعام والمدفوعات الرقمية عبر تطبيق الهاتف المحمول. في الأصل أُطْلِق تطبيق MyTeksi في كوالالمبور، ماليزيا، عام 2012م ثم توسع في العام التالي وأخذ اسم GrabTaxi.
وبعد ما توسع المشروع أكثر وأصبح يشمل خدمات أخرى باتباع نموذج “التطبيق الفائق” (super app) في عام 2014م، نُقِل مقر الشركة الرئيسي إلى سنغافورة وأعادت تسمية نفسها إلى Grab فقط من غير إضافات أخرى. أصبحت خدمات الشركة تُقَدّم في أكثر من بلد في جنوب شرق آسيا، وفي مايو 2021م قُدّرتْ قيمتها بنحو 40 مليار دولار أمريكي.[3]
أما Gojek فهي منصة إندونيسية متعددة الخدمات عند الطلب، ومجموعة تكنولوجيا دفع رقمية مقرها العاصمة جاكرتا. تأسست Gojek في عام 2010م كمركز تواصل لربط المستهلكين بتوصيل البريد السريع وخدمات النقل ذات العجلتين (درجات نارية). أطلقت Gojek تطبيقها على الجوال في عام 2015م مع أربع خدمات فقط، وهي: GoRide و GoSend و GoShop و GoFood. أما اليوم، فتحولت Gojek إلى تطبيق عملاق يوفر أكثر من 20 خدمة مختلفة.[4]
توسعت شركة Gojek لتعمل أساسا في إندونيسيا وفيتنام وسنغافورة وتايلاند والفلبين، وبذلك أصبحت الشركة الوحيدة في جنوب شرق آسيا التي تم صُنّفَتْ في المرتبة 17 عام 2017م من أصل 50 شركة عالمية غيرت العالم، ونالت المرتبة 11 من 50 في عام 2019م. وفي شهر يونيو 2020م، أصبح لدى التطبيق حوالي 170 مليون مستخدم في جميع أنحاء جنوب شرق آسيا.[5]
إنّ دول جنوب شرق آسيا هي أفضل نموذج يُحْتَذَى به عند إنشاء شركة ناشئة في إفريقيا خاصة جنوب الصحراء الكبرى. وذلك لوجود الكثير من أوجه التشابه في المشاكل التي تواجه الأفراد والمؤسسات التنموية في الدول الإفريقية.
هل يمكن أن تكون إفريقيا هي الوجهة المحتملة لجذب رؤوس الأموال المخصصة للتطبيقات الفائقة؟
توقّعت شركة الاستشارات McKinsey & Company أن تحقق التطبيقات الفائقة 500 مليار دولار من العائدات بحلول عام 2025م، مع دفع عجلة النمو في آسيا والأسواق الناشئة مثل البرازيل وإفريقيا. وفي السياق نفسه، تؤكد أنينديا جوس، أستاذة إدارة الأعمال في جامعة نيويورك ومؤلفة كتاب “Tap: Unlocking the Mobile Economy” ، على أنّ إفريقيا لديها عدد متزايد من مالكي الهواتف الذكية، بالإضافة إلى الشركات الناشئة التي تتطلع إلى تنويع عروض تطبيقاتها[6].
ولكن، الافتقار إلى الوصول إلى الإنترنت عالي السرعة يمكن أن يكون عائقًا أمام استيعاب التطبيقات الفائقة، وأنّ تحقيق الدخل منها قد يمثل تحديًا للمشغلين والمزودين والمستفيدين معاً، كما أنّ تجربة تطبيق WeChat التي لم تنجح في إفريقيا ما زالت تثير قلق كثير من أصحاب المشاريع الرائدة في هذا المجال. لكن المتفائلون دائما يضربون مثلا بـتطبيقي فيسبوك Facebook (FB)) وواتساب (Whatsapp) الّذَيْنِ مُنتشران في إفريقيا في نطاق واسع. فالأمر متعلق بجودة الخدمة وكيفية الحصول على الحصة السوقية المناسبة.
على الرغم من وجود التحديات المختلفة، إلا أن مؤسسي Gozem يؤكدون على أنّ هناك فرصا مختلفة في إفريقيا؛ لكن من يستطيع اغتنامها فقط سيحصد الثمار. وبناء عليه، وضعوا خطة طموحة للتمدد أكثر في المنطقة، فبحلول نهاية عام 2021م سيفتحون المشروع نفسه في الكاميرون، وفي نهاية عام 2022م سيعززون وجودهم في كل من مالي وبوركينا فاسو والسنغال كوت ديفوار.
الخلاصة
شركة Gozem تعتبر من الشركات الناشئة والواعدة، منذ تأسيسها في عام 2018م وحتى الآن أظهرت نموّاً ملموسا وواضحا؛ حيث يظهر من خلال خدمات التوصيل النوعية التي تقدمها وتوسعها في أكثر من دولة إفريقية فرانكوفونية، بدأً من توغو في غرب إفريقيا وصولا إلى الجابون في وسط القارة مع التخطيط لتعزيز تواجدها في أكثر من دولة في المنطقة الفرنكوفونية.
مؤسسو Gozem استطاعوا أن يقتنصوا الفرصة من بين آلاف الفرص الموجودة في القارة الإفريقية لا سيما في دول جنوب الصحراء الكبرى. لكن اتخاذ قرار كهذا يحتاج إلى دراسة سوقية دقيقة واتخاذ مخاطر عالية. كل ما يتعلق بالتكنولوجيا والمشروعات الخدمية التي تلمس واقع الناس مباشرة وتسعى لحل مشكلات اجتماعية حقيقية لها احتمالية عالية في النجاح.
فيا ترى، ما هي الفرص الاستثمارية في بلدك ومنطقة تتوقع سيكون لها رواج واحتمال كبير في النجاح إذا ما وجدت رغبة صادقة وإرادة قوية مع توفر رأس المال؟
يمكنك أن تقرأ أيضا: الشباب الإفريقي ومعوقات تحقيق أهداف التنمية
[1]Stephanie Bailey, Can a motorcycle-hailing company create an African super app? July 21, 2021. Accessed on 01.08.2021: https://edition.cnn.com/2021/07/21/tech/gozem-super-app-spc-intl/index.html
[2] "Grab Privacy Policy". Grab SG. https://www.grab.com/sg/terms-policies/privacy-policy/
[3] Culpan, Tim (19 December 2018). "Grab Is Looking Heavier by the Day. Thanks Toyota". The Washington Post. Archived from the original on 19 December 2018. Retrieved 7 June 2019.
[4] "Tentang Kami | Gojek". www.gojek.com. Retrieved 27 August 2019.
[5]"Facebook, PayPal Invest in Gojek". Jakarta Globe. Retrieved 4 June 2020.
[6] Stephanie Bailey, Can a motorcycle-hailing company create an African super app? July 21, 2021 (مصدر سابق)