ملخص: يُبرز المقال دور الدبلوماسية الروحية السنغالية في تشكيل السياسات الداخلية والخارجية، مشددًا على أهمية الزعماء الدينيين كسفراء للقيم الروحية والأخلاقية دوليًا. يناقش التأثير التاريخي للحج في تعزيز الروابط الروحية وتجديد العلاقات الدينية. كما يعكس المقال استجابة الدبلوماسية للتحديات العالمية ويؤكد على دمج البعد الروحي في النظام الدبلوماسي السنغالي لدعم السلام والتنمية المستدامة.
__________________
السنغالي مخلوق روحاني بطبعه ينبض قلبه إيمانا بالغيب وتطلعا للخالق، و قد عبر عن ذلك الوجدان بارتباطه وتعلقه بالدين أو المقدس، وأرسى نُظُمه الاجتماعية والحضارية على قواعده، كما كان الدين سببا لرقيه نهلا من معين الوحي الصافي كانت الأساطير والخرافات عامل انتكاسته، فلم تكن المعتقدات بنفس التأثير في المصير الإنساني.
حيث فك الدين أسر الإنسان وضعته نِحلٌ أخرى تحت الأغلال والأصفاد، ويمكن تبرير كل حركة وسكون سنغالي بمغزى روحي غيبي، وأعرب عن ذلك بكل ما جادت به قريحته وما عملته يده رسما وصورة، لحنا وغناء، تأليفا وكتابة، شعرا ونثرا.
على أن الحج أحد أركان الإسلام، فهو مسلك من مسالك الدبلوماسية الروحية؛ إنّ مناسك الحج تنمية لعواطف المسلمين نحو ربهم، ودينهم، وماضيهم، وحاضرهم، وهو من الناحية الروحية إذكاء مشاعر، وتجديد عاطفة[1].
وتنضبط مساعي العمل الروحي بتحقيق مصلحة روحية ـ إيمانية راجحة، شهادةً لمنافع دينية ودنيوية، فعلى هذا مرساه وقطب رحاه ومداره، ووجهته تعظيم حرمات الله ” حرمة الدين والدم والعرض والمال”.
والروابط الروحية استمرار لما كان معهودا في هذا القطر عامة مع غيره من أرجاء العالم الإسلامي سيما مع العلماء الأفذاذ والمشايخ الأعلام الذين مثلوا السفارات والبعثات والوفود في مختلف العصور مع الجار ذي القربى والجنب، لما لهم من كلمة مسموعة وأمر مطاع ورأي نافذ.
وتقتضي عوامل عديدة من القيادة الروحية أن يشاطروا رجال السياسية الفضاءات الإنسانية والثقافية والعالمية إسهاما منهم في أداء دورهم كمؤسسة اجتماعية قائمة وترجيحا لكفة القيم الأخلاقية والإنسانية، وانتصارا للبعد الديني الذي أرادت معاهدة واستفاليا 1648 التي انبثق عنها النظام الدولي المعاصر أن تجعله جزءا من ماضي البشرية لا رجعة إليه. ويزداد الأمر إلحاحا بالنظر إلى أوضاع القارة الإفريقية المعقدة والمستعصية على المقاربات الوافدة والمداخل الأحادية.
وقد تزايد الاهتمام بالبعد الديني في العلاقات الدولية والسياسة الدولية بعد تمدد الجماعات الجهادية في عدد من مناطق العالم، بما في ذلك دول الجوار بالساحل والصحراء مرتبطا بالحديث عن الأمن والتنمية.
ولم يعد بالإمكان تجاهل دور المؤسسة الدينية، وهوما يقتضي فتح الممرات الآمنة أمامها كسبا للرهان، وضمانا للوفاق الوطني، وتفعيلا للحريات الدينية، وحفظا للهوية من سيل العولمة وسطوتها على شعوب دول العالم الثالث، ومواكبة لانتشار الظاهرة الدينية في مختلف مناطق القارة[2].
ومن المرتقب عند عدم وجود وزارة الأوقاف والشؤون الدينية لتدبير الشأن الديني المحلي والدولي في تشكيلة الحكومة حيوية المؤسسات الدينية عملاً على سد الفراغ واستصحابا لحال المجتمع المتدين “التدين الشعبي” تلبية وإشباعا لأشواقه الروحية.
ويفترض ببلاد تَرَانْغاَ قِبْلَةِ الدول الأجنبية في المنطقة، ومعقل الصوفية الإفريقية التقاطع عند الدبلوماسية الموازية وعلى وجه الخصوص الروحية، وجملة ما يرد في هذا المقال شذرات أو مدخل لما يتأسس عليه من بحوث.
وليس القصد من الورقة تسليط الضوء على المعتقدات والحكم لها أو عليها، وإنما بيان الأثر المترتب على الجانب الروحي سواء تعلق الأمر بداخل البلاد أو خارجها، أي دور المشيخة الدينية في السياسات والعلاقات الدولية، ولا الحصر أو الاستقصاء التام لتعدد التجارب الروحية في البلاد وإنما وضع معالم كبرى للموضوع وإيراد نماذج وتقرير وجود الدبلوماسية الروحية.
وأرمي من مصطلح الدبلوماسية الروحية “مختلف التأثيرات الدبلوماسية الناتجة عن الدين والمعتقد في إطار علاقات ثنائية أو متعددة الأطراف لها تبعاتها على الأمد القريب والبعيد”.
ونتساءل هنا: من هم أقطاب الدبلوماسية الروحية؟ ما دورها؟ وما تقاطعاتها مع الدبلوماسية الرسمية؟ وما آفاقها؟
سيُتناول الموضوع استعانة بتحليل الوقائع الاجتماعية المركبة واستنطاقها وأحيانا بربط التفاعل بين المسرح السياسي والمشهد الديني من خلال الرصد التاريخي بناء على الفقرات التالية:
جدول المحتويات
أولا: المراكز الروحية والعمل الدبلوماسي
تحركت الدبلوماسية الروحية الوطنية في وقت مبكر من استقلال البلاد تفعيلا لسياسة الباب المفتوح مع مشايخ الطرق وأصحاب الفكر وقادة الرأي وساهمت في إشعاع العمل الدبلوماسي الموازي.
على أن من حسن طالع البلاد احتفاء الشيخ العلامة أحمد دم سوكون بتفسيره “ضياء النيرين”، ودعوته الخلائق لحضور الحفل تخليدا و ابتهاجا، وقد سيقت إليه تهاني عطرة توالت من مختلف الأقطار، وأشاد كبار معاصريه من العلماء بمناقبه أمثال الشيخ محمود شلتوت مما وَثَقه د.عامر صمب.
وأهمية هذا الحدث العلمي الديني الروحاني الشعبي الخالد تتأتى من كونه أوَّلَ واقعة بهذا الحجم في سنغال ما بعد الاستقلال، بل سبق استضافة الدورة الأولى من المهرجان الدولي للثقافة والفنون الزنجية 1966، وقبل المشاركة في تأسيس منظمة المؤتمر الإسلامي 1969.
وجاءت بعد ذلك مشاركة الأستاذ برهام جوب بندوة الإسراء والمعراج في القدس 1962 تأريخا حيًّا على التواصل الروحي بين جناحي العالم الإسلامي شرقا وغربا، وتوالت أعمال الطرق الصوفية في الداخل والخارج، ثم افتتح الجامع الكبير بداكار 1964 الذي عبر بجدارة عن عمق الروابط الدينية والروحية بين المغرب والسنغال في الذاكرة الوطنية.
ولم يكن الظرف الدولي بعد الاستقلال يسمح بتوسع رجال الدين في الفضاء السياسي إلا بقدر خدمة التيارات السياسية والأنظمة القائمة ومصالح القوى الكبرى، واستغلت الورقة الدينية أيام الحرب الباردة للقضاء على الخصم الشيوعي في بولندا أو الحيلولة دون تمدده في العالم الإسلامي عبر تركيا، ما نظر له مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق بريسنجكي ” الحزام الديني” مؤكدا على الحاجة إلى خدمات المؤسسة الدينية بشكل من الأشكال، إذ يشكل الدين المقوم المحوري في الثقافات، من حيث هو الرأسمال الرمزي الأعمق للمنظومات العقدية والدينية[3].
أما إفريقيًّا؛ فكان توظيف الدين والبعد الروحي قليلا إلا ما كان من جهة المنظمات التنصيرية إلى أعوام سبعينيات القرن الماضي الذي شهد عودة الدين بقوة على المسرح الدولي قاطبة، وهوما حاول الكاتب الفرنسي تصويره في مؤلف له بعبارة: انتقام الآلهة.
أما وطنيا؛ لقد نأت الحكومات السنغالية المتعاقبة بنفسها عن المسألة الدينية تنظيرا وتأطيرا التزاما بالمبدأ العلماني؛ مما خلف فراغا على مستوى تولي هيئة رسمية مأسسة الحقل الديني كما هو الحال عليه في المملكة المغربية، لكن ذلك لم يمنع حضور الفاعل الديني بقوة في تسيير الشأن العام سواء داخل البلاد وخارجها على استحياء.
وقد أدى انهيار المعسكر الشرقي إلى إفساح المجال للشأن الديني وبروز الهويات على المسرح الدولي وتبعا المسألة الروحية على تفاوت بين الدول وكذا الظروف المحيطة بها، و ارتفاع الصوت الديني المقصيِ من الحلبة السياسية، فصارت الدبلوماسية الدينية مطلوبة اليوم بقوة، وإن كانت إشكالاتها ورهاناتها غير دينية[4].
حسب تعبير البعض دبلوماسية المسار الثاني، وهي وجه من أوجه العلاقة بين الدين والدولة في إفريقيا المعاصرة، كما أنها استمرارية للعلاقات الإفريقية ـ العربية، وتقترب من المثالية وتستعين تارة بأدوات وآليات واقعية.
وتمتلك الدبلوماسية الروحية مقومات النجاح لما لها من خصائص متنوعة تنتظم في الرسالة الوجدانية، الأتباع، الانتشار، القدرة على الانصهار والتعبئة، الشعبية.
فيما يرى أهل التصوف أن لديهم بلسما لشفاء العالم من جراحه فكرا وممارسة، من خلال التربية و التزكية، يلخصه ما ورد في الرسالة الملكية: “ولا شك في أن للطريقة التجانية عبر إفريقيا والعالم الإسلامي كله، دورها التربوي في التنمية الأخلاقية والروحية وتطهير النفوس من نوازع الفرقة والانقسام وجمعها على الألفة والالتحام، إنها رسالة التصوف المعاصر بكل طرائقه ومشاربه والهدف الأسمى من كل مناهجه”[5].
ودفعت أحداث 11/ 09/ 2001م الدول الغربية إلى بعث المد الصوفي وتقويه جنابه دوليا خصوصا الولايات المتحدة الأمريكية بهدف إضعاف السلفية (الجهادية) في العالم الإسلامي، وشكل العقد الأول من الألفية الثالثة فرصة مواتية لعودة الطرق على المسرح الدولي والجهوي، وإنعاش الدبلوماسية الروحية، ولم تتجاوب الطرق السنغالية مع السياسات الغربية بما فيه الكفاية.
وقد يكون السبب وراء ذلك أن متصوفة السنغال لم يشهدوا نزاعا مسلحا مع الحركات الإسلامية يدفع بها إلى التماهي مع الخطاب الأميركي للتشفي والانتقام وإن ارتفعت حدة الخصومات الكلامية بشكل ملحوظ.
وقد كان معطى 11 من سبتمبر دافعا لإعادة التموقع دوليا، من خلال الملتقيات الدولية للطريقة التيجانية بفاس، ولم تكن تلك الحالة فريدة بالدولة العلوية وإن كانت سباقة إليها، وقد تعرض الجوار الشمالي المغرب لهجوم إرهابي 2003، مما زاد الطلب على خدمات التصوف، واستدعى من بين أمور أخرى تنظيم لقاءات صوفية دولية منذ 2007 و 2009 و2014.
وتصنف منطقة الساحل والصحراء ضمن المناطق الحاضنة والمصدرة للإرهاب، وهو ما يساعد على أن يكون فضاء عمل حيوي للطرق وفق الرؤية الغربية، وتنبع خطورتها الأمنية في الحسابات الغربية من قربها الجيوسياسي للقارة العجوز.

ثانيا: المرتكزات المحورية للدبلوماسية الروحية
تقتضي رابطة الأخوة الإنسانية رعاية المصالح ـ المشترك الإنساني أفقيا والتمركز حول المعتقد أو الإيماني المتعالي عموديا، ويعد هذيْن البعديْن في المُحصلة محوري الدبلوماسية الروحية مع تشعباتها وتجلياتها في الحياة الفردية والجماعية.
أ) الميراث الروحي
يشكل رجال الدين الأعمدة الأساسية للمجتمع السنغالي وقوام اجتماعه وأصحاب الحل والعقد، ومنتهى الزعامة، وهو ما يجعل من الخليفة الصوفي خليقا بكل تقدير واحترام، أي الرقم الأول لدى أتباعه ومريديه ومحل احترام الآخرين.
يعتبر الخليفة الأب الروحي في الممارسة الصوفية المعاصرة، وسلطة أخلاقية وأدبية، يتمتع بنفوذ بارو وسلطة واسعة على الأتباع ” الرعايا”، ويعد ديوان الخليفة مقر الخلافة المركز الديني.
ومن هنا تكسب الحواضر الدينية مكانة خاصة عند الأتباع بسبب التعلق بالشيخ صاحب البركات والخيرات، (طوبى، كاولاك، العمرية، تيواوون،انجاسان وغيرها…)، ولا يكاد المرء يقطع مسافة على طول البلاد وعرضها إلا ويصادف أحفاد شيخٍ مشهورٍ أو مغمورٍ.
وكان انشغال المشايخ عشية الاستقلال بإدارة الإرث الخاص (ذرية الشيخ، التراث المادي والمعنوي ـ المخطوطات والفتاوى، الأتباع) وإعادة تشكيل الأتباع في المحيط الجديد ” الدولة” وتحديد العلاقة مع السلطة الزمنية والتجاوب مع الإكراهات التي فرضت نفسها داخليا موازاة مع مراعاة مقتضيات الإرث الجامع لأبناء الأمة، هو ما جعل من التركيز على الشأن الداخلي أولوية إلى حين، وظلت تلك القاعدة إلا في حالات استثنائية.
ب) تعزيز الأواصر والتعاون
ترسيخ الانتماء وصلة الأرحام، ولعل فيما أورده الدكتور عامر صمب عن وشائج القربى بين مشايخ البلد وأهل المنطقة نفسها ليعزز آصرة القرابة على سبيل المثال عند حديثه عن ” عائلة دِم سوكون المفسر”: هو تكلوري أصلا وبينه وبين أسرة الحاج مالك سه وعائلة الشيخ أحمد بمبه امبك والشيخ عثمان دان فودي دِم صلات قرابة[6].
قد كان حِرْص أتباع الملتين: الإسلام والنصرانية بالبلاد باديا في الحفاظ على الوحدة الوطنية والتعايش السلمي من خلال تبادل الزيارات وعقد الحوارات وتنظيم ملتقيات وغيرها من التظاهرات الدينية والاجتماعية.
مما يكشف أحيانا عن تداخل الخارطة الروحية بصلات القرابة وبالأخص في منطقة غرب إفريقيا كحال الأسرة العمرية ” الشيخ عمر الفوتي تال” واستقرار فروعها بكل من السنغال وموريتانيا ومالي ونيجيريا. وانتشار أهل ماء العينين أسرة محمد فاضل ولد مامين في أرجاء البلاد واتخاذها وجها إفريقيا محضا بامتزاجها مع الشعوب والقبائل، وفي نفس الوقت ارتباطها بأصولها الموريتانية الحسانية العربية والكنتية كذلك على سيبل المثال، كما تتحصل الدبلوماسية الروحية بتفاعل الجغرافيا مع التاريخ انطلاقا من بعد ديني.
وقد ذكر محمد الأمين جُوب الدَّغاني القواسم المشتركة بين الشيخ الحاج مالك سه بالشيخ الخديم قائلا: وقريبه قرابة دين وطين ووطن[7].
فيما تدفع العولمة بضغطها المادي على جلِّ شعوب العالم إلى الرغبة الجامحة في التشبث بهويتها ودينها وقيمها، وهو ما يدعو القادة الروحيين للانتصار لانتماءاتهم، ومن تجليات الهوية الوطنية الانتماء للتصوف والمذهب المالكي الذي ينتشر في غرب إفريقيا أساسا منذ قرون ما يؤهله لأن يكون فضاء جيو-ثقافيا لإحياء الإخوة وتوظيف المرجعيات العلمية لبناء علاقات متينة، وما يتفرع عن ذلك أحيانا من عقد مؤتمرات دولية خدمة لدروب التزكية والتربية و للمدرسة المالكية علما وعملا، وإحياء التراث الثقافي الإفريقي الإسلامي المشترك من خلال التعريف به ونشره والعمل على حفظه وصيانته[8].
ويسفر التمايز الحضاري والثقافي التشبث بالهوية ركونا لثوابت الأمة، وتتأكد تلك المعاني في ظل طغيان العولمة وزحف الثقافات الغربية والآسيوية على الدول الإفريقية، خصوصا مع أبناء الجالية الإسلامية المقيمة بالخارج، والحاجة إلى نقاء الروح وصفائها ماسة في هذا العصر الذي اكتسحت فيه الحداثة الغربية مجالات الحياة المتعددة.
- مواجهة تيارات الإلحاد دعما وتثبيتا للأمن الروحي، وهو ما يرتبط بالاعتقادات الدينية للأفراد داخل المجتمع والتي تشكل مكونا أساسيا لهويتهم وشخصيتهم[9].
- مواجهة تيارات التطرف والإرهاب قاريا خصوصا بالساحل والصحراء، وإحياء المعالم الروحية لقواعد السلام انطلاقا من الشرع الحنيف الذي أقر للأشهر الحرم حرمتها تتميما لمكارم الأخلاق، وتهيئة أسباب النهضة والتنمية جمعا بين شُعَبِ العِبَادة للرب الذي أطمع من جوع وآمن خوف.
وقد كان حِرْص أتباع الملتين: الإسلام والنصرانية بالبلاد باديا في الحفاظ على الوحدة الوطنية والتعايش السلمي من خلال تبادل الزيارات وعقد الحوارات وتنظيم ملتقيات وغيرها من التظاهرات الدينية والاجتماعية.
جـ) الزيارات السنوية
تشكل الزيارات الرسمية للحواضر الدينية موسما روحيا لما توفره من أجواء التلاقي والتبادل بين الأتباع وتدارس مختلف القضايا الداخلية والخارجية وإعادة ترتيب البيت ورسم الأولويات من جديد.
وهي فرصة للتأطير الروحي وترسيخ المفاهيم وتجديد الخطاب وتوثيق الأخوة، و يتخلل التأطير زيارات ـ أثناء الوداع أو قبله ـ ويقوم الشيخ أو من يُنيبه بإلقاء الوصايا الجامعة والتعاليم التربوية لأتباعه الغاية منها الحفاظ على الأمن الروحي.
على أن من أشكال التأطير السارية: التوجيه والإرشاد والنصح والدعاء من الشيخ، الخلوة بالمريد بطريقة انفرادية أو جماعية، طاعة الشيخ، توجيه خطاب إلى العموم، إلقاء محاضرات لها ارتباط بالحياة العامة من قبل مختصين.
ومن الزيارات السنوية تلك التي تلتئم بدار الخير وبدار السلام بالجنوب ” مقاطعة بنجوناـ زيغنشور “، وحضور الزوار من الدول المجاورة، ويتكرر هذا المشهد مع مناسبات دينية في مناطق أخرى من البلاد ثم الزيارة السنوية لـ ” داكا” بمدينة جوناس إقليم تامبا كوندا.
ويصاحب التجمعات المنعقدة أنشطة علمية تبحث في القضايا الروحية وتدارس هموم التصوف معرفيا وعقد ورشات وتحظى بمتابعات إعلامية وصحافية وطنية ودولية، و تخرج بتوصيات، و تعرف انتعاشا اقتصاديا بفعل التجمع الحاشد.
وتتوالى الزيارات الخاصة من كبار المسؤولين السياسيين والدبلوماسيين للحواضر الصوفية كل بحسب أجندته وأهدافه المعلنة من الزيارة (تهنئة، تعزية، تبرك، طلب وساطة، تعزيز علاقات، تجديد ولاء، دعم سياسي…) والروابط التي تربطه بالمركز الروحي.
وشمل التفاعل مع هموم المسلمين نصرة قضايا الأمة الإسلامية الكبرى تتصدرها القدس، وحظيت بأشواق المتصوفة وكسبت وجدانهم، وكانت نصرتها محل إجماع بين مختلف الطوائف، وقد توج ذلك سنغاليا بإقامة اليوم الإفريقي لنصرة القدس في نسخته الأولى بمدينة كاولاخ 2010.
وتعكس تهنئة الشيخ محمد الماحي انياس حضور القدس في خطابه، حيث ورد فيها: نتقدم إلى الأمة الإسلامية بأخلص التهاني بمناسبة عيد الأضحى المبارك راجين من المولى سبحانه أن يعيد علينا هذه المناسبة أعواما عديدة وسنين مديدة وأن يقر أعيننا بتحرير المسجد الأقصى وكل الأراضي فلسطين المحتلة وأن يسود الأمن والأمان والرخاء العالم، عيد أضحى مبارك[10].
ثالثا: السياسة الخارجية للنظام السياسي السنغالي
تبنت السياسة الخارجية في عهد سنغور اتجاهاً قومياً إفريقياً إقليميًّا، وفرنكفونيا غربيا دوليا تجسد الأول بوضوح في تنظيم المهرجان العالمي للفنون الزنجية (الإفريقية) 1966، والذي أراد منه منظمُه الرئيسُ سيغور بلورة معاني التحرر الثقافي كما زَعم، والثاني في السعي الحثيث لإنشاء الهيئة الفرنكفونية 1970[11]، والمأخذ على هذا النهج هو إقصاء أهم مكون ثقافي للبلاد المتمثل في البعد الإسلامي سعيا من الزعيم السياسي تحجيم دور أغلبية المجتمع وتجاهل قضايا الإسلام والمسلمين .
يعد الشيخ إبراهيم نياس من أنشط مشايخ الطرق في سبعينات القرن المنصرم على مستوى الخارج خصوصا مع العالم العربي وقادة الدول، ومن رواد الأسفار في زمانه بلا منازع.
ويعدد دُودُ تيامْ أول رئيس للدبلوماسية السنغالية بعد الاستقلال ( 1960ـ 1968) الخطوط العريضة للدولة مع المنتظم الدولي المتمثلة في التوجه الإفريقاني، محاربة الاستعمار، التعاون الدولي، توطيد السلام، وتلتقي تلك الركائز مع غايات الدبلوماسية الروحية وإن اتسع الأفق الروحي والإيماني ليشمل الأرجاء العالمية كلها.
و القيم التي تصدر عنها الدبلوماسية الروحية إنسانية كقيم التراحم والتعاطف وقيم التعارف والانتماء، وتتقاطع مع غايات الدبلوماسية الرسمية وبالأخص مع دواعي مبدأ حسن الجوار الذي يعد دعامة للسياسة الخارجية.
فقيم التعاطف الأبدية، وتحمل أعباء الآخرين أفكار تحبذها الأديان والفلسفات الروحية من حول العالم، فمعظمها يشجع الصداقة والمصالحة والتعايش السلمي بين القبائل والثقافات والشعوب والدول، كما وتشجع على احترام الخلافات والمسامحة، لا تتعارض هذه العقلية والمفاهيم والأفكار الدبلوماسية[12].
والتعارف قيمة إنسانية ولا تزال كذلك في عصر حقوق الإنسان، من حيث اعتبار وحدة الأصل الإنساني في ظرف يتصاعد فيه الصراع والحرب وأسبابهما، إلى جانب ازدياد رقعة التعصب المذهبي والديني وفشو الكراهية بمختلف قارات العالم وصعود “اليمين المتطرف”.
وتقلد أبناء المشايخ مناصب استشارية ودبلوماسية بل إنه في حالات معينة كانوا رؤساء البعثات الخارجية لبلدانهم، من أشهرهم شيخ تيجان سه الذي جمع ما تفرق في غيره من جيل عصره، من كونه دبلوماسيًّا وسياسيًّا ومثقفًا ورجل أعمال مع انحداره من أسرة صوفية[13]، والحاج مصطفى سيسه ووصل الأمر إلى أن السفير السنغالي عبد الأحد امباكي بالكويت كان عميد السلك الدبلوماسي لأقدميته في المنصب ولعلاقته المميزة مع العائلة الحاكمة.
وتتعدد الشخصيات الوطنية الروحية الفاعلة في المجال الدبلوماسي، ويعد الشيخ إبراهيم نياس من أنشط مشايخ الطرق في سبعينات القرن المنصرم على مستوى الخارج خصوصا مع العالم العربي وقادة الدول، ومن رواد الأسفار في زمانه بلا منازع. وتيسر له إقامة علاقات صداقة مع مشاهير العلماء منهم على سبيل المثال: الشيخ محمود شلتوت والشيخ عبد الحليم والشيخ محمد الغزالي من مصر، ومع الملوك والرؤساء والزعماء منهم الملك الراحل الحسن الثاني والرئيس جمال عبد الناصر والزعيم سيكو توري بل شملت علاقاته رئيس الاتحاد السوفياتي ورئيس الوزراء الصيني ورئيس يوغوسلافيا، وجعل من ذلك عرفا ساريا في عقبه.
استطاع الشيخ الكولخي أن ينسج علاقات متنوعة مع مختلف أقطار الدنيا في وقت مبكر كما تكشف رحلاته من أقصى لأقصى أو من كتبوا عنه، وأسس لروابط روحية مع أمراء الشمال بنيجيريا، وشارك في تأسيس عدد من المؤسسات والهيئات الدولية في العالم الإسلامي، وجعل لمدينته كاولاخ شهرة عالمية، كانت محط رحال بعض القادة السياسيين كالقذافي وعمر البشير وغيرهما.
ويعد الشيخ إبراهيم جوب من أوائل المشاركين في الدروس الحسنية بالمملكة المغربية، وقد شغل منصب الأمين العام لرابطة علماء المغرب والسنغال في الثمانينات، إضافة إلى كون العلماء الأفارقة لم يكونوا بمعزل عن ميدان الشأن الديني بالمغرب عبر مشاركتهم الوازنة والدائمة في الدروس الحسنية الرمضانية، على امتداد نصف قرن الماضي، كما حضر العلماء من بلدان إفريقية جنوبي الصحراء إلى المغرب في ملتقيات علمية وصوفية عديدة [14].
ولعل ما ميز الروابط بين الرباط وداكار بهذا الخصوص رسميتها وضبطها بآليات عصرية من اتفاقيات محررة ومؤسسات قائمة تستجيب للظرفية الزمنية، فيما بقي كثير من البلدان دون ذلك، وقد يكون السبب وراء ذلك طبيعة إمارة المؤمنين، فالمغرب أثبت أن له قدما راسخة في مجال الخطط الدينية في الماضي والحاضر، ما يجعل منه نموذجا فريدا في المنطقة خاصة وفي العالم عامة.
وقد أثمرت جهود عقود من العمل الجماعي حنكة وحكمة في التعامل والتفاعل تجلت بوضوح في الصياغة القانونية لمضامين التأسيس للعمل العلمائي القاري “مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة ” وفروعها: على أن إحداث تلك الفروع يتم وجوبا في مراعاة لقوانين البلد وأوضاعه، وينبغي أن يفهم من هذا التأكيد أن فرع المؤسسة في بلد ما لا يمكن أن يكون بديلا لأي هيئة وطنية أو محلية رسمية أو أهلية، وأنه، إن جاز له أن يتعاون مع الجهات ذات الأهداف المشابهة، فإنه ملزم بالعمل بالتي هي أحسن وبإخلاص وحكمة وصبر ويقظة[15].
تميزت فترة عبد جوف خَلَفِ سنغور على السلطة بالانفتاح على الدبلوماسية الدينية خصوصا مطلع تسعينيات القرن المنصرم بتنظيم مؤتمر القمة الإسلامية بداكار 1991 وزيارة البابا يوحنا بولس الثاني 1992 للسنغال، ومن أهم ما كشفه مؤتمر القمة الإسلامية بداكار بروز الانتماء الإسلامي للمجتمع السنغالي دوليا.
وفي فترته بدأ تنظيم الأيام الثقافية للرابطة التيجانية بالسنغال في أواخر كل سنة ميلادية منذ سنة 1986[16]، وتعبر تلك السياسة عن عهد الانفتاح الجديد، وراعت قدر الإمكان الطابع العلماني للدولة.
وشهدت فترته استقطابا إقليميا حادا بين قطبي التيجانية ( فاس ـ عين ماضي )على الزعامة تمظهر في الدعوة لانعقاد مؤتمرات تنافسية دولية للطريقة بمبادرة إحدى البلدين لا ينظر إليه الآخر بعين الرضى؛ ليصل أخيرا إلى إنشاء مؤسسات متشابهة بنفس اللون وإن اختلفت في الطعم ليجد أتباع الطريقة أنفسهم في دائرة الاصطفاف السياسي.
كما كانت إفريقيا عالميا أيضا موضع تنافس وتجاذب بين مرجعيات سنية وشيعية خصوصا بعد الثورة الإيرانية واحتضان طهران لبعض الزعامات الدينية وضمها إلى صفها كالزكزاكي النيجيري مما عكس توغل الشيعة في القارة واكتساح ميادين وأنصارا جددا، وبين أتباع الإسلام والنصرانية من جهة أخرى.
وبلغت الدبلوماسية الروحية ذروتها في التاريخ السياسي المعاصر مع الرئيس عبد الله واد، بدءا لم يخف انتماءه للطريقة المريدية وارتباطه الوثيق بخليفة الشيخ أحمد بامبا في عهده الشيخ صالح امباكي وتنصيب وزير للشؤون الدينية رغم علمانية الدولة واعتماد برنامج ديني في النظام التعليمي، والانفتاح أكثر على العالم العربي، والاهتمام بالهوية الإفريقية والإسلامية، بخلاف سابقيْه البَاخسيْن المعطى الديني حقه؛ ظهر ذلك في اعتبار الصوفية ذات ثقل ديني واجتماعي “رسمي” وتنظيم قمة المؤتمر الإسلامي الثانية، وشدت المشيخة الوطنية أزر الدولة وقامت بدورها في التوعية والتعبئة الشعبية لدعم الحكومة وتنظيم المؤتمر[17].
وعقد أول مؤتمر لعلماء إفريقيا بحضور جمع من علماء القارة والوفد الدبلوماسي المعتمد بدكار وممثلي الهيئات الإسلامية، ألقى رئيس الجمهورية خطابا افتتاحيا شاملا تناول فيه معظم القضايا المطروحة أمام علماء إفريقيا، وحملهم مسؤولية بيان حكم الإسلام للسلطة الزمنية، وعبر عن استعداده للالتزام بما يشير به العلماء[18].
وتضاعفت الزيارات للحاضرة المريدية طوبى أيام رئاسة واد، كما كسر الحاجز العلماني علنا بتنقلاته بين العاصمتين السياسية والروحية، والتي قدرت بنحو 19 زيارة، متجاوزة بذلك كل الأرقام السابقة، والجدير بالذكر أنه لم ينقطع عن زيارة المدينة حتى بعد تنحيه عن رئاسة البلاد[19].
رابعا: مجالات التعاون الروحي
الدبلوماسية الروحية مدعوة للمساهمة في حل ” مشكلة الإنسان ” أو التخفيف منها، بمعنى من المعاني ” نفع الخلق “[20] وابتغاء “حرث الآخرة” بحكم التشابك والتداخل بين الداخل والخارج وحجم التحديات الكبيرة، وقصور الفاعل الدبلوماسي الرسمي عن حمل كل المسؤوليات على عاتقه دون تقاسم مع المرجعيات الروحية.
يلعب القادة الروحيون دورا رائدا في مجتمعاتهم في تشكيل مواقف الأفراد وفهمهم للعالم من حولهم وبالتالي، يجب أن تتحوّل المشاورات مع القادة الرّوحيين إلى مظهر روتينيّ من مظاهر التّوعية الدبلوماسيّة.[21]
ومما يتوجب على القادة والزعماء الروحيين حمايته والحفاظ على أسسه وأركانه: الأسرة المكونة من الرجل والمرأة والوقوف أمام تيارات الشذوذ التي تنشط وتروج للمثلية الجنسية في إفريقيا وبالأخص في السنغال.
التخالف من أجل تعزيز كرامة الإنسان فكرا وممارسة ويتفرع عن هذا المبدأ أمور منها:
- الحفاظ على المقدسات والرموز الدينية درءا للفساد و تثبيتا للسلم والاستقرار.
- الإرشاد والتوجيه والتربية و توحيد الشأن الإسلامي ومن ألح القضايا المطروحة على الساحة الوطنية توحيد رؤية الهلال والأعياد، وتفعيل الحوار الداخلي حول أمهات المسائل تعزيزا للسلم الاجتماعي.
الحفاظ على البيئة حماية لها من المخاطر التي تسببت يد الإنسان في تفاقمها، ونتج عنها نقص في الغذاء وتهديد بالجوع، ما ظهر في منطقة الساحل والصحراء مثلا.
ويمتد التعاون إلى إنشاء مؤسسات عابرة للدول مثل تأسيس رابطة الطرق الصوفية في أفريقيا أثناء زيارة الشيخ محمد الماحي انياس للسودان في شهر ماي 2022، ويلاحظ تعدد مثل هذه الهيئات بالقارة كالجمعية العامة لرابطة علماء ودعاة وأئمة دول الساحل الجزائرية ومعهد محمد السادس للعلماء الأفارقة المغربي.
قد يؤذن نجاح زيارة الشيخ انياس للخرطوم بفتح منافذ جديدة للدبلوماسية الروحية دوليا سيما بعد اعتراف الأمم المتحدة للدور الذي قام به بين الفرقاء المتخاصمين ” الأخوة الأعداء”، وإعادة التفكير في دور الشريك الديني في إدارة الصراعات.
ويتردد رجال السلك الدبلوماسي إلى الحواضر الدينية باستمرار من دُولٍ ونِحلٍ وهيئات مختلفة، حيث زار نائب رئيس سيراليون المرافق لجمع من وزراء بلاده طوبى، وسعادة السفير الجديد للمملكة المغربية في السنغال، السيد حسن ناصري، وفي يوم السبت وصل سعادة سفير المملكة العربية السعودية السيد سعد بن عبدالله النفيعي إلى طوبى في زيارة ودية لسماحة الخليفة العام للطريقة المريدية الشيخ محمد المنتقى حفظه الله تعالى[22]، ويكشف عدد الزيارات للمراكز الصوفية والأنشطة المرافقة حجمها الدبلوماسي وإشعاعها الدولي.

التحديات التي تواجه التعاون الروحي
على الرغم من وجود فرص مواتية أمام الفاعل الصوفي على المسرح الجهوي والدولي إلا أن ثمت عوائق تحول دون الوصول بالدبلوماسية الروحية أوجها.
العوائق الداخلية
- عدم وجود أجندة واضحة المعالم ومتفق عليها.
- قلة المبادرات الوطنية الناتجة أحيانا عن ضعف التنسيق بين الأجنحة الصوفية، وعدم انتظام العمل الروحي في بوتقة واحدة خصوصا عندما يتعلق الأمر بالخارج.
- قلة الإمكانيات اللازمة أحيانا لمتطلبات التعاون الدولي، إضافة إلى أن الدولة الحاضنة عاجزة عن تغطية نصف القارة الإفريقية ببعثاتها الدبلوماسية.
ب) العوائق الخارجية
- وجود منافسين إقليميا ودوليا على المشروع الروحي وعلى قيادته.
- تجاهل العمق الإفريقي وإغفاله من الحسابات، مع أنه ينبغي أن يشكل نقطة الانطلاق إلى بقية دول العالم.
- طغيان القيم المادية والإقبال على المتع الدنيوية مدعومة بالنظام الدولي مع تقهقر ملحوظ لقيم الزهد والورع والإعراض عن الدنيا أي إيثار العاجلة على الآجلة.
خامسا: جولات المشايخ إلى الخارج
بدأ المشايخ جولاتهم العالمية إلى بقية الأقطار باكرا، ومن المستجدات في هذا الشأن انعقاد القمة الأولى للجالية الإفريقية المغتربة بجنوب إفريقيا مايو 2012 واعترافها بالشتات كإقليم سادس للاتحاد الإفريقي[23]، ويشكل هذا القرار منعطفا تاريخيا للدبلوماسية الشعبية ما يسمح للزعامات الدينية أداء دور ملموس على هذا المستوى.
أ) مع العالم الإسلامي
نذكر هنا ما كان بين علماء منطقة كجور وفوتا تورو مع الشيخ سليمان راسين بال والقاضي عمر فال، ومن إرسال البعثات الأزهرية إلى السنغال، واقتطاع خمس هكتارات من الأراضي الإيفوارية بالعاصمة الإدارية ياماسكرو للشيخ منتقى امباكي الخليفة الحالي، مما يرسخ الوجود المريدي في العمق الإفريقي والاتجاه نحو الجنوب عبر محور داكار ـ غابون علما أن الشيخ أحمد بامبا قد توقف بمنطقة بَسَامْ الكبرى بكوت ديفوار في رحلة المنفى إلى غابون.
ب) خارج العالم الإسلامي
إلى الدول الأوربية والولايات المتحدة الأمريكية
لم تبدأ رحلات المشايخ الروحية بشكل منتظم إلى أوربا وأمريكا إلا بعد استقرار الجالية السنغالية بها في ثمانينيات القرن المنصرم إثر تنحي سنغور عن رئاسة البلاد؛ بدافع الحاجة إلى التأطير الديني والتوجيه الروحي وتوثيق وشائج القرابة، وشكلت اليد العاملة المهاجرة مع الأيام موردا ماليا للأنشطة الصوفية ما شجع من التعاون الروحي بين الشيخ والمريد في أرض المهجر، وكانت فرنسا وإيطاليا وأمريكا الوجهة المفضلة.
يمثل الشيخ مرتضى امباكي رائد الطريقة المريدية بالمهجر[24]، ولعله من دشن عرف تأسيس ” دار خادم الرسول ” خارج السنغال على مستوى الطائفة المريدية، و يقوم المُعيَّن على رأس المؤسسة مقام ممثل الحضرة المريدية.
وسعى الشيخ إلى إعادة اللحمة و توثيق الرباط الروحي بين أتباع الطريقة بشكل يتناسب مع المتغيرات الجديدة ومواكبة التطورات المتسارعة، ومن ذلك ربط شباب المهجر بالوطن الأم، وتشجيعهم على نقل التجارب المكتسبة إلى بلدانهم، ويدخل في مهام المرجعية الروحية السهر على ” رعاياها ” حتى لا يسقطوا في المزالق ويقعوا في مصيدة الشيطان.
وتلك الهيئات التنظيمية الموازية يمكن أن تتشكل عبرها قنوات موجهة لعمل عابر للأوطان يدخل ضمن الدوائر التي تتحرك فيها الدبلوماسية الروحية السنغالية. وللجولات أبعاد روحية واجتماعية واقتصادية وحضارية من:
- عرض نموذج للحياة في الأوساط الغربية قائم على علاقة عمودية بين الشيخ والمريد.
- دعوة للحوار تُبينُ عن تعدد طرائق الحياة وتدبير المعيشة.
- صمود في وجه العولمة.
وترتب على السفريات الدورية منح جوازات دبلوماسية لبعض الشخصيات الطرقية.
وينتج عن تأخر إقامة علاقات دبلوماسية متبادلة مع بعض الأقطار محدودية التعاون الروحي مما يفوت الفرصة على المشيخة، فعلى سبيل المثال لم تفتتح أستراليا سفارة لها بداكار إلا في 2013 م، واعتبر افتتاحها أول تمثيل دبلوماسي في الفضاء الفرنكفوني، مما ينعكس تلقائيا على فضاء التعاون الروحي بين الطرفين .
ج) إصلاح ذات البين
من بين المجالات التي اتخذتها المشيخة الصوفية ميدانا للعمل بالداخل والخارج الصلح بين النخبة السياسية الذي بات أمرا مألوفا منذ نشأة الدولة السنغالية المعاصرة بدءا بالأزمة الدستورية 1962 بين الرئيس سنغور ومامادو جاه وحاليا ماكي/واد 2019، نشدانا للإصلاح وتوطيدا للسلم الاجتماعي.
شاركت السلطة الدينية بصفة عامة في التغيير السلمي في عدد من الدول الإفريقية بما في ذلك السنغال والمصالحة بين الفرقاء السياسيين، ونذكر هنا:
- المساعي الحميدة لمشايخ السنغال وموريتانيا لإصلاح ذات البين بين الجارين خلال أزمة 1989م.
- تشكل وفد سنغالي مكون من القيادات الدينية للوساطة بين العراق وإيران.
- جهود خليفة تيواون عبد العزيز الابن في الدفاع عن أقلية روهينغا المسلمة ببورما، ودعوته قادة الأمة الإسلامية إلى القيام بواجبهم ووقف اضطهاد المسلمين.
- الوساطة المريدية بغينيا بيساوو عام 2009 بين جناحي العمل الإسلامي الوطني: المجلس الوطني الإسلامي بغينيا بيساوو والمجلس الأعلى الإسلامي بغينيا بيساوو، وتوجت الوساطة بميلاد اتحاد المجالس الإسلامية بغينيا[25]، ولهذه المبادرة دلالة سياسية واجتماعية في بلد أنهكته الخلافات والعنف المسلح ما يجعل من أي خطوة لتعزيز التماسك الاجتماعي مستحسنة، ولعل هذا ما يفسر استقبال كبار شخصيات الدولة الغينية للوفد المريدي برئاسة ابن الخليفة يومها.
- وساطة الشيخ مامون نياس لإصلاح ذات البين بين الإخوة السودانيين وغيرها من الوساطات ومساعي رأب الصدع.
- قافلة السلام والمحبة بقيادة سماحة الخليفة الشيخ محمد الماحي تنجح في استقطاب أكثر من خمسين قبيلة عربية بسلاطينها وأمرائها وحكمائها، هذا إلى جانب أكبر قبائل المساليت بسلاطينها وأمرائها وحكمائها ويتعهدون أمامه بوضع السلاح ونبذ الخلاف وتجاوز الماضي والجنوح إلى السلم والصلح والعيش في سلام واحترام متبادل في جو يملؤه المحبة والإخاء في ولاية غرب دارفور (الجنينة)[26].
صرح الأسقف جون برايسون شاين، القس الثامن في أبرشية واشنطن قائلا:” يمكن للدين في القرن الواحد والعشرين أن يكون قوة تمكن المصالحة والاستقرار السياسي أو إسفينا يعزز الانقسام، وتابع قوله: وقد حان الوقت الآن لاستخدامه في المصالحة وصنع السلام الدبلوماسي[27].
سادسا: الأفق الروحي
تحظى السنغال بسمعة دبلوماسية محترمة على الرغم من قلة حضورها على مستوى التمثيل الدبلوماسي، وحسب وزير الخارجية الأسبق آمدو باه فإن مجموع البعثات الدبلوماسية تصل إلى 53 و14 قنصلية عامة من بينها 4 بفرنسا[28]، وهذا يستدعي إشراك الفاعل الديني في تدبير العلاقات بين الدول بتخصيص مجال عمل له، توسيعا للشبكة الدبلوماسية السنغالية.
فضلا عن استقبال داكار واحتضانها لكثير من المنظمات والهيئات الدينية، مثل: رابطة العالم الإسلامي والندوة العالمية للشباب الإسلامي، والفاتيكان وغيرها من البعثات الدينية، إلى جانب رئاسة اللجنة الدائمة للإعلام والشؤون الثقافية (كومياك) ومقرها بداكار وهي إحدى اللجان الأربعة التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي، وكل ذلك مدعاة لتفعيل وتكامل أدوار الدبلوماسية الرسمية والشعبية داخل العالم الإسلامي وخارجه من أجل المصلحة العليا للبلاد، وشكلت تلك الهيئات على مر الأيام منابر للتواصل والتعاون وقنوات للحوار والتفاهم.
وتحتاج الدول الرائدة إلى تفعيل كل امكانياتها الدبلوماسية المتعددة لفرض حضورها في المنتظم الدولي بشكل يتوافق مع حجم مصالحها، ولعل هذا ما يحول دون توظيف بلدان العالم الثالث لمكتسباتها الروحية في العلاقات الدولية.
تمتاز السنغال من بين الدول الإفريقية بقوة الانتماء الصوفي لدى مواطنيها ما حدا ببعض الباحثين إلى تقرير تلك الحقيقة: يجمع معظم السنغاليين ضمنيا على وجوب الانتماء إلى طريقة صوفية[29]، وتتوسط دولا مؤمنة لم يتسرب إليها الإلحاد كمنظومة للحياة وإن وجدت تأثيراته على شرذمة من المثقفين إلا أنه لم يلبث أن خبا بريقه واندحر بفعل قوة الحضور الثقافي في الفضاء العام.
ولبلاد تيرانغا موروث ثقافي مشترك عابر للدولة القُطْرِية أساسه الإسلام سواء مع الدول الواقعة شماله أو جنوبه امتدادا في الوسط مخترقا قوميات وعرقيات وبيئات جغرافية مختلفة مما يسهل الاندماج في وحدة ثقافية ترعى المصالح وتعلي من حق الجوار.
وتبرز المناسبات الكبرى للطرق الصوفية البعد الدبلوماسي بشكل تلقائي، خصوصا إذا كانت قمة التظاهرة للطائفة كـ ” المولد، ماغال، الزيارة…”
وستتقوى الأواصر بين الحاضرة المريدية مثلا داخليا وخارجيا بفعل تهيئ بعض الظروف المادية والمعنوية، ووجود قنوات من قبيل:
تدشين مسجد مسالك الجنان 2019
أكبر مسجد في غرب إفريقيا يقع في العاصمة السنغالية[30]، وشهد تشييده حضور الرئيس ماكي صال وسلفه واد وخليفة الطريقة المريدية وممثلين عن مشايخ الطرق إلى جانب قيادات دينية و دبلوماسية وسياسية، وقد بات معلما من معالم داكار وكاشفا للهوية السنغالية وجالبا للسواح.
سيعطي هذا الجامع للطريقة المريدية مع الأيام وهجا كبيرا بحكم موقعه المميز بالعاصمة، ما يخوله أن يكون ذراعا دبلوماسيا لأتباع الشيخ الخديم يتقاسم الأدوار وتوزيع المهام مع الحاضرة المريدية “طوبى”، مواكبا التقدم البشري ونقطة تواصل مع المؤسسات والمنظمات الدينية الدولية.

محور داكار طوبى
سيشد المحور من أزر الدوحة الخديمية (نسبة إلى الشيخ الخديم) خصوصا بعد افتتاح الطريق السيار بين المدينتين، إلى جانب احتضان الجامعات الناشئة حديثا بالعاصمة المريدية.
الذكرى السنوية “ماغال طوبى”
تعيد ذكريات احتفاء أتباع الطريقة بعودة الشيخ من المنفى كل سنة معاني التضحية والولاء للخليفة، إضافة إلى حضور السلك الدبلوماسي المعتمد للحدث الروحي وشخصيات أخرى نافذة من شتى البقاع.
الخاتمة
برهنت المؤسسة الدينية قدرتها على الصمود في وجه التيارات الوافدة والارتباط الوثيق بالحياة العامة داخليا وبناء الجسور مع الخارج، والتأثير في مجريات الأحداث عبر الدبلوماسية الروحية، وقد أثبت تنظيم داكار للقمتين الإسلاميتين 1991 و2008م للرأي العام الدولي هوية البلاد الراسخة التي تجعل من الإسلام دين الغالبية العظمى مع الاعتراف بحقوق الأقلية؛ بل والتعايش السلمي بين أبناء الوطن.
يبقى أن القيادات الدينية مدعوة الى أن تكون على مستوى التحديات الراهنة والمسؤولية المنوطة بها وطنيا وإقليميا ودوليا. ومن هنا، نصل إلى بعض الاستنتاجات فيما يلي.
أبرز الاستنتاجات
- يمكن العمل على بناء استراتيجيات وإيجاد آليات من أجل حسن توظيف واستثمار رأس المال الروحي الوطني خدمة للوطن والأمم والشعوب عبر:
- إيجاد فرق عمل للتشاور والتعاون المتبادل بما في ذلك اللقاءات الدورية.
- القيام بمبادرات دينية دبلوماسية حول القضايا الإنسانية المصيرية.
- تبادل الخبرات بين القيادات الدينية تحقيقا للنفع العام.
- تفعيل الدبلوماسية الروحية، خصوصا مع دول الجوار. ومن الفرص المتاحة للدبلوماسية الموازية والتي لم تستثمر كما ينبغي الفضاء الإفريقي خصوصا في الوسط وأقصى الجنوب.
- دعوة الشركاء الماليين بالقارة من أمثال البنك الإفريقي للتنمية الإسهام في تمويل عمليات ومبادرات المصالحة والتغيير السلمي من قبل القادة الروحيين تسريعا وتعزيزا للتضامن الإفريقي.
- إصدار تشريع وطني ينشئ هيئة خاصة تحدد للمرجعية الدينية صلاحياتها واختصاصها بما يضمن للمؤسسة الدينية القيام بدورها المرتقب منها رفعا لحرج تهمة التدخل في الشأن السياسي ورسما للحدود وتمييزا للمجال السياسي عن الديني.
_______________ انتهى _______________
الهوامش والإحالات
[1] ـ محمد عمارة، معالم المشروع الحضاري في فكر الشيخ محمد الغزالي مع سيرة حياته، مفكرون الدولية للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 1439هـ ـ 2018م، ص: 78. [2] ـ هارون باه، الأبعاد الدينية في الممارسة الدستورية الإفريقية، لباب للدراسات الاستراتيجية والإعلامية دورية محكمة تصدر عن مركز الجزيرة للدراسات، السنة الثالثة العدد 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، ص: 162. [3] ـ السيد ولد أباه، الدين والهوية إشكالات الصدام والحوار والسلطة، جداول للنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأولى تشرين الأول ـ أكتوبر 2010، ص: 139. [4] ـ السيد ولد أباه، الدين والهوية إشكالات الصدام والحوار والسلطة، المرجع السابق، ص: 144. [5] ـ الرسالة الملكية السامية للمشاركين في الاجتماع العام للطريقة التجانية دورة 2007 / 1428 https://www.tidjania.ma/2020/07/04/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%B3%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D9%83%D9%8A%D9%86-%D9%81%D9%8A-2/ تاريخ الدخول 11/ 06/ 2022. [6] ـ عامر صمب، الأدب السنغالي العربي الهدية السنغالية من المرجان في العقود الأدبية للعربان، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع،1398هـ ـ 1978م، الجزائر ، الجزء الأول، ص: 355. [7] ـ الشيخ محمد الأمين جوب الدغاني، إرواء النديم من عذب سيرة الخديم، ص: 265. https://almaktabatoulmouridiya.files.wordpress.com/2014/03/irwa_nadim.pdf تاريخ الدخول 11/06/2022. [8] ـ مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة: بلاغ صحفي بمناسبة الإعلان عن التأسيس، مرجع سبق ذكره. [9] ـ إدريس لكريني، الدّبلوماسية الرّوحية ورهانات السّلام العالمي. http://www.nationshield.ae/index.php/home/details/articles/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%91%D8%A8%D9%84%D9%88%D9%85%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%91%D9%88%D8%AD%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%B1%D9%87%D8%A7%D9%86%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%91%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A#.YFXKllq2JPY 20 ـ 03ـ 2021. [10] ـ الصفحة الرسمية للخليفة الشيخ محمد الماحي إبراهيم انياس. https://web.facebook.com/photo/?fbid=179193826916346&set=a.126497792819774 تاريخ الدخول 11/06/ 2022. [11] ـ إلى جانب كل من رئيس النيجر حماني ديوري والحبيب بورقيبه والأمير نورودوم سيهانوك. [12] ـ ألن كيسويتر والأسقف جون شاين، الدبلوماسية والدين، البحث عن مصالح مشتركة والانخراط في عالم من الاضطرابات والتغيرات الديناميكية، مشروع العلاقات الأمريكية مع العالم الإسلامي التاربع لمعهد بروكنجز للعام 2013، تشرين الثاني 2013، ص:7. [13] ـ هارون باه، الأثر الاقتصادي للطرق الصوفية في إفريقيا الغربية، مركز الجزيرة للدراسات، 11 أكتوبر 2018 م، ص: 6. [14] ـ مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة: بلاغ صحفي بمناسبة الإعلان عن التأسيس. https://www.habous.gov.ma/%D9%85%D8%A4%D8%B3%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%81%D8%A7%D8%B1%D9%82%D8%A9/1161-%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D9%81%D8%A9/6800-%D9%85%D8%A4%D8%B3%D8%B3%D8%A9-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%AF%D8%B3-%D9%84%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%81%D8%A7%D8%B1%D9%82%D8%A9-%D8%A8%D9%84%D8%A7%D8%BA-%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A-%D8%A8%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%B3%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%86-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A3%D8%B3%D9%8A%D8%B3.html تاريخ الدخول 08/05/2022. [15] ـ مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة: بلاغ صحفي بمناسبة الإعلان عن التأسيس، مرجع سابق. [16] ـ نص الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المشاركين في الدورة ال 19 للأيام الثقافية التيجانية https://www.maroc.ma/ar/%D9%86%D8%B5-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%B3%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AC%D9%87%D8%A9-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D9%83%D9%8A%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84-19-%D9%84%D9%84%D8%A3%D9%8A%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%8A%D8%AC%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9/%D8%AE%D8%B7%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA تاريخ الدخول 11/06/2022. [17] ـ خديم بن محمد بن سعيد امباكي، من وحي السبعين ذكريات وتجارب وأحداث حياة، الطبعة الثانية 1439هـ / 2018م، مطبعة IPS دكار ـ السنغال، ص: 218. [18] ـ المرجع السابق، ص: 233. [19] ـ للاستزادة ينظر: THIAM, El Hadji Ibrahima Sakho, LES ASPECTES DU MOURIDISME AU SENEGAL , U S 2010 ,pp : 135 - 13 [20] ـ وهو مصطلح إسلامي ومتداول في الأدبيات الصوفية. [21] ـ ألن كيسويتر والأسقف جون شاين، الدبلوماسية والدين، البحث عن مصالح مشتركة والانخراط في عالم من الاضطرابات والتغيرات الديناميكية، مرجع سابق، ص:2. [22] ـ الحركة الدبلوماسية المكثفة في طوبى ودلالاتها https://samebousso.blogspot.com/2022/03/blog-post.html تاريخ الدخول 02/ 06/ 2022. [23] ـ أما الأقاليم الخمسة فهي إقليم الشمال والجنوب والوسط والشرق والغرب. [24] - SHOPIE BAVA, Les Cheikhs mourides itinérants et l’espace de la ziyâra à Marseille, p :161 https://www.erudit.org/fr/revues/as/2003-v27-n1-as553/007006ar.pdf تاريخ الدخول 11/06/2022. [25] - THIAM, El Hadji Ibrahima Sakho, LES ASPECTES DU MOURIDISME AU SENEGAL , U S 2010, p : 152. [26] ـ الصفحة الرسمية للخليفة الشيخ محمد الماحي إبراهيم انياس. https://web.facebook.com/theofficialpageofgeneralkhalifaoffaydhatijania?_rdc=1&_rdr تاريخ الدخول 11/ 06/ 2022. [27] ـ ألن كيسويتر والأسقف جون شاين، الدبلوماسية والدين: البحث عن مصالح مشتركة والانخراط في عالم من الاضطرابات والتغيرات الديناميكية، مشروع العلاقات الأمريكية مع العالم الإسلامي التابع لمعهد بروكنجر للعام 2013، تشرين الثاني 2013، ص: 1. https://www.brookings.edu/wp-content/uploads/2016/06/Religion-and-Diplomacy_Arabic_Web.pdf تاريخ الدخول 20 مارس 2021. [28] - Diplomatie sénégalaise : poursuivre la suppression de consulats (ministre), La Nouvelle Tribune. https://lanouvelletribune.info/2019/12/diplomatie-senegalaise-poursuivre-la-suppression-de-consulats-ministre/#:~:text=Diplomatie%20s%C3%A9n%C3%A9galaise%3A%20poursuivre%20la%20suppression%20de%20consulats%20(ministre),-Par%20PMB&text=Les%20autorit%C3%A9s%20s%C3%A9n%C3%A9galaises%20comptent%20supprimer,l%27%C3%A9mission%20Jury%20du%20dimanche. تاريخ الدخول 25/03/ 2021. [29] ـ خديم محمد سعيد امباكي، التصوف والطرق الصوفية في السنغال، منشورات معهد الدراسات الإفريقية الرباط ـ المغرب، الطبعة الأولى 2002،ص: 3. [30] ـ وللإشارة كذلك فإن أكبر كنيسة بعد الفاتيكان هي كنيسة البازيليك بياماسكرو بكوت ديفوار، والتي شيدت في عهد هوفيت بوانيي الرئيس المسيحي.