جدول المحتويات
نيجيريا ومكانتها الجيو سياسية والاستراتيجية والاقتصادية في غرب إفريقيا
جمهورية نيجيريا الفدرالية من أكبر الدول اقتصادياً في العالم، ومن أكبرها في القارة الإفريقية وأكثرها سكاناً، ولها مكانتها الجيوسياسية المؤثرة والمثيرة للاهتمام والفعالة على الصعيدين: الاقليمي في منطقة الايكواس، والقاري . كما يقال، الاستقرار السياسي والاقتصادي النيجيري مع النمو والازدهار له أبعاده الأمنية والتنموية والاقتصادية على مستوى القارة الإفريقية والعكس صيحيح. لذ؛ فإنّ المحفل السياسي ممثلة في الانتخابات الرئاسية للعام 2023 في نيجيريا جدير بالاهتمام والرعاية من أصحاب الفكر والسياسة والمستثمرين والأكاديمين ؛ حيث يمثل الخط الموصل إلى تحقيق الاستقرار السياسي الاقتصادي في المنطقة.
وبعد أن قضت إدارة محمد بخاري فترتيها في سدة الحكم ( 2015-2023) فتحت أبواب الانتخابات لاختيار رئيس جديد لقيادة الدولة والسعي على استمرار ما أنجز ومواجهة تحدياتها الكثيرة والمتشعبة. فواجهة المرشحين الثلاث الكبار أتيكو أبوبكر نائب رئيس الجمهورية في عهد رئيس أولوسيغون أوباسانجو (1999-2007)، وهو يمثل حزب الشعوب الديمقراطي (PDP) في انتخابات عام 2023م. بينما يمثل السيد / بولا أحمد أديكونلي تينوبو الحزب الحاكم “مؤتمر جميع التقدميين”، (APC) وهو برلماني أسبق ومحافظ ولاية لاغوس العاصمة الاقتصادية النيجيرية ( 1999-2007). والحزب البارز الثالث هو حزب العمال بقيادة رجل الأعمال والسيايسي السيد/ بيتر غريغوري أوبي. والسيد/ رابيو نوانكواسو من حزب الشعب النيجيري الجديد (NNP).
ومن الملفت للنظر الديمقراطي، أنّه رغم تحديات مواجهة للقيادة المدنية في غرب أفريقيا. نيجيريا ، أكبر دولة أفريقية إقتصادياً وديمغرافياً بعد أن كانت معروفة بالانقلابات العسكرية في السبعينات والثمانيات والتسعينات من القرن الماضي، بدأت توطد ديمقراطياتها عن طريق الانتخابات المتتالية منذ 1999م. فالاستقرار الديمقراطي والسياسي في نيجيريا له رسالتها الايجابية في دول المنطقة ولاسيما المقبلة على الانتخابات قريبا.
منطقة الإيكواس بين التحديات والأمل الديمقراطي (انتخابات نيجيريا 2023)
انتخابات نيجيريا 2023 تُحْيي وتوقد الأمل الديمقراطي في منطقة غرب أفريقيا رغم التحديات التي شاهدتها ومازالت تشاهدها منذ ثلاث سنوات ماضية من انقلابات عسكرية في جمهورية مالي عام 2021 [i] بقيادة عاصمي غويتا ضد الرئيس إبراهيم كيتا وانقلاب عسكري في جمهورية غينيا عام 2021م بقيادة ممادي دومبويا ضد الرئيس ألفا كوندي [ii] وانقلابين عسكرين في جمهورية بوركينا فاسو[iii]عام 2022 ؛ الأول بقيادة الكولونيل بول هنري سانداوغو داميبا ضد الرئيس روك كابوري، والثاني في أقل من سنة؛ حيث شن الكابيتن إبراهيم تراوي انقلاباً آخر ضد كولونيل بول هنري سانداوغو داميبا القائد للانقلاب الأول.
ومن المعلوم، أن القارة لأفريقية منذ الستينات من القرن الماضي سجلت ما يفوق 200 انقلاب عسكري[iv] . وفي المقابل، يتهيأ ثلاثة من أعضاء المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا ( الايكواس) للانتخابات بعد نيجيريا لهذا العام والعام المقبل؛ فجمهورية ليبيريا ستخوض في انتخاباتها الرابعة منذ نهاية الحرب الأهلية عام 2003م، وجمهورية سيراليون تتهيأ للانتخابات العامة في هذا العام أيضا ، وجمهورية السنغال مقبلة على الانتخابات الرئاسية مطلع عام 2024م.
من هنا يتبين لنا جلياً خطورة التحديات المختلطة بأمل الفرص للانتعاش الديمقراطي في المنطقة؛ ولكن انتخابات نيجيريا – بسبب مكانتها الجيوسياسية والاقتصادية والاستراتيجية في الايكواس – قد تمهد الطريق للدستورية وسيادة النظم الانتخابية وفق البروتوكول المتعلق بالديمقراطية والحكم الرشيد للإيكواس 2001م والذي ينص على ما يلي من فقرة ب-ج:
(ب) يجب أن يتم كل وصول إلى السلطة من خلال انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، (ج) عدم التسامح المطلق مع السلطة التي يتم الحصول عليها أو الحفاظ عليها بوسائل غير دستورية.
فبناءً على هذه البنود وغيرها حصل من بداية أزمة مالي السياسية عدم التفاهم وتفاقم الأمر بين المجموعة وبين العسكريين؛ إذ إنّ الرئيس الراحل المخلوع كان منتخبًا من كل الشعب لمأمورية كانت سارية، ومن ثَمَّ فإن وصول العسكريين إلى السلطة لم يكن شرعياً حسب التزامات جمهورية مالي الإقليمية [v]. ولكن على الإدارة الجديدة بقيادة الرئيس المنتخب بولا أحمد تينبو الاهتمام بالاقتصاد والعدالة والأمن والوحدة الوطنية إن أرادت الديمومة والاستمرارية في تحقيق الديمقراطية النسبية؛ فالديمقراطية نظرية ومجرد تغير الحكم من رئيس إلى آخر إذا لم تصاحبها التنمية والانجاز الاقتصادي. فالتدهور لاقتصادي وتدني المستويات التنموية من أهم التحديات التي تواجه لمنطقة غرب أفريقيا. الأمر الذي جعل زعزعة الأمن وضع شائعة.
الخلاصة
يمكن القول بأنّ الانتخابات الرئاسية في نيجيريا مؤشر إيجابي لمستقبل الانتعاش الدستوري وسيادة حكم المدنين والديمقراطية عموماً في منطقة الايكواس رغم وجود التحديات المتمثلة في الزعزعة السياسية بسبب الانقلابات العسكرية في كل من جمهورية غينيا ومالي وبوركيتا فاسو. دولة نيجيريا هي الأخت الكبرى اقتصادياً وسياسياً واستراتجياُ وأمنياً في القارة الإفريقية عموماً، وفي المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا خصوصاً. فالإصلاح السياسي بها مًعدي، ومحيي أمل الإصلاح السياسي في بقية دول المنطقة والعكس صحيح.
ولكن مع هذا كله، لن يتثبت الاستقرار السياسي عند فقدان أو غياب الأمن، والانتعاش الإقتصادي والعدالة والتنمية المشاعة بين الشعب. وعليه، على كاهل حكومة بولا أحمد الرئيس المنتخب إعطاء الأولوية الفائقة لتصدي بوكوحرام وإنشاء البنى التحتية وتوفير فرص العمل للشباب مع الالتزام بسيادة الحكم، فتكون نيجيريا نموذجاً لدول المنطقة والقارة عموماً ليس في توالي الانتخابات تلو الأخرى فحسب؛ ولكن في التنمية وإرساء دعائم الأمن والدستورية والقانونية في إدارة الدولة.
الإحالات [i] الدكتور / موري دوكوري أبوبكر سوماورو "الأزمات الجيوسياسية في جمهورية مالي في إطار القانون الدولي الإقليمي والقاري: نقد وتحليل" (2022) قراءات افريقية (qiraatafrican.com) [ii] Teller Report, Coup d'état in Guinea: the foreseeable fall of President Alpha Condé, Coup d'état in Guinea: the foreseeable fall of President Alpha Condé - Teller Report [iii] سكاي نيوز " أحدثها بوركينا فاسو.. 4 انقلابات بإفريقيا في 10 شهور" (2022) أحدثها بوركينا فاسو.. 4 انقلابات بإفريقيا في 10 شهور | سكاي نيوز عربية (skynewsarabia.com) [iv] المرجع السابق [v] ECOWAS Protocol on Democracy and Good Governance (2001) https://www.ohchr.org/EN/Issues/RuleOfLaw/CompilationDemocracy/Pages/ECOWASProtocol.aspx