تشهد تشاد فصلاً جديدًا في تاريخها السياسي مع انطلاق الانتخابات الرئاسية، حيث يتوجه الشعب إلى صناديق الاقتراع لاختيار قائد يحمل على عاتقه مسؤولية إعادة بناء الوطن وتحقيق الاستقرار. تأتي هذه الانتخابات بعد سنوات من الحكم العسكري والتحديات الأمنية التي واجهتها البلاد، وتعد بمثابة خطوة نحو العودة إلى الحكم المدني وتعزيز الديمقراطية.
مع وجود عشرة مرشحين يتنافسون على المنصب، تتجه الأنظار نحو الجنرال محمد إدريس ديبي، الذي يقود المرحلة الانتقالية، ورئيس الوزراء سوكسيه ماسرا، الذي يُعتبر المنافس الرئيسي. يُعقد الناخبون آمالًا كبيرة على هذه الانتخابات لتكون بداية لعهد جديد من النمو والازدهار، ولكن تبقى التساؤلات حول مدى قدرة القادة الجدد على مواجهة التحديات الراهنة وتحقيق تطلعات الشعب.
في 03 مارس الماضي، أعلن السيد محمد إدريس ديبي إتنو، رئيس الفترة الانتقالية، ترشحه رسميًا عن “التحالف من أجل تشاد الموحدة” في الانتخابات التي جرت في 6 مايو. استبعد المجلس الدستوري عشرة مرشحين، بما في ذلك المعارضان البارزان ناصر إبراهيم كورسامي ورخيص أحمد صالح. وقد دعا ائتلاف المعارضة إلى مقاطعة الانتخابات، معتبرًا إياها مسرحية لتكريس الحكم الديكتاتوري للأسرة الحاكمة. تُعتبر الانتخابات مجرد تمرين روتيني يُمكّن محمد إدريس ديبي من تعزيز سيطرته على الحكم.
الرئيس محمد إدريس ديبي، الذي يقود المرحلة الانتقالية، يحمل اسم عائلة لها تاريخ طويل في السياسة التشادية. فترشحه يُعتبر استمرارًا للنفوذ العائلي، وقد يُنظر إليه على أنه محاولة للحفاظ على الوضع القائم. من ناحية أخرى، يُقدم سوكسيه ماسرا نفسه كصوت للتغيير والإصلاح.
التحديات التي تواجهها تشاد كثيرة، بما في ذلك الحاجة إلى تحسين الخدمات العامة، تعزيز الاقتصاد، وضمان الأمن لجميع المواطنين وتوفير الماء والكهرباء .
في الأصل، تعطي الانتخابات الشعب التشادي فرصة للتعبير عن إرادتهم واختيار القيادة التي يرونها الأنسب لمواجهة هذه التحديات. ومع ذلك، هناك مخاوف من أن الانتخابات قد لا تعكس الإرادة الحقيقية للشعب. فالدعوات لمقاطعة الانتخابات والادعاءات بأنها مجرد واجهة لتعزيز سلطة النخبة الحاكمة تُثير تساؤلات حول شفافية العملية الانتخابية ونزاهتها.
في هذه اللحظات الحاسمة، يقف الشعب التشادي أمام خيارات صعبة. الأمل معلق على أن تُسفر الانتخابات عن نتائج تُمثل بداية جديدة للبلاد، ولكن الواقع السياسي قد يُقدم تحديات غير متوقعة. الأيام القادمة ستكون حاسمة في تحديد مسار تشاد نحو الديمقراطية والاستقرار.
يأمل الشعب التشادي في أن تُسفر الانتخابات عن حكومة تُعنى بالتنمية الاقتصادية، وتحسين الخدمات العامة، وتوفير الأمن والعدالة لجميع المواطنين. أُغلقت صناديق الاقتراع، وبدأ فرز الأصوات في الانتخابات الرئاسية التشادية.
التشكيك ف نزاهة رئاسيات تشاد 2024
الانتخابات التشادية 2024م لم تكن نزيهة وشفافة، بل كانت مجرد لعبة سياسية. الأسباب تعود إلى عدم وضوح الخطوات الأساسية لإجراء الانتخابات منذ البداية. فعلى سبيل المثال، كانت أهداف الحكومة الانتقالية التي تم إعلانها سابقا ثلاثة:
- إنشاء حكومة وحده وطنية لتمكين جميع أبناء الوطن من المشاركة في العملية السياسية. لكن، للأسف، لم تُنفذ المهمة بشكل مطلوب ، والمشاركون كانوا أشخاصًا محدودين لا يمتلكون رؤية وطنية حقيقية.
- الحوار الوطني الشامل الذي لم يكن صادقًا، والمشاركون فيه تم اختيارهم وتمويلهم من قبل الحكومة الانتقالية. لذلك، انسحبت المعارضة منذ البداية لعدم وجود مصداقية واضحة في الحوار، وهو ما أكدته نتائج الحوار الفاشلة على أرض الواقع.
- تنظيم انتخابات الرئاسية نزيهة وشفافة؛ حيث حدد القانون الانتخابي تشكيل الوكالة الوطنية لإدارة الانتخابات. لكن مع الأسف كانت الإجراءات صورية أكثر منها واقعية.
ووفقًا لمرسوم القانون رقم 8، يتم تحديد 15 شخصًا لهذه الوكالة: 8 منهم يعينهم الحكومة الانتقالية، و4 يختارهم رئيس الجمعية الوطنية، و3 يختارهم رئيس مجلس الشيوخ. هذا القانون أثار جدلًا كبيرًا بين الحكومة والأحزاب السياسية، حيث لم توافق الأحزاب على هذا القانون لعدم وجود فرق بين رئيس الانتقالي ورئيس الجمعية الوطنية، إذ أن كلاهما من أعضاء حزب الحركة الوطنية للإنقاذ(MPS).
والأمر العجيب، أن الرئيس الانتقالي تم تعيينه كرئيس للحزب وهو في نفس الوقت مرشح للانتخابات الرئاسية. ومن جهة أخرى، رئيس الجمعية الوطنية هو أيضًا عضو في نفس الحزب. وفقًا لها، أعتقد أنّ هناك تلاعب كبير ولا يمكن أن تكون هذه الوكالة مستقلة. لذلك، من المتوقع أن يكون محمد إدريس دبي هو الفائز في الانتخابات الرئاسية دون نزاع.
وسيتم الإعلان عن النتائج المؤقتة للانتخابات الرئاسية في 9 مايو 2024 في تمام الساعة الثامنة مساءً من قبل الوكالة الوطنية لإدارة الانتخابات (ANGE)
يتطلع الشعب التشادي إلى أن تكون هذه الانتخابات نقطة انطلاق نحو مستقبل مشرق يسوده الحكم الرشيد والتقدم الديمقراطي. يقف المشهد السياسي في تشاد على عتبة تحول محوري، حيث تمثل الانتخابات فرصة للشعب لتحديد مصيره وصياغة مستقبله.