تواجه خدمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية “ستارلينك“، المملوكة لرجل الأعمال الجنوب إفريقي الأصل إيلون ماسك، تحديات تنظيمية كبيرة في القارة الإفريقية. في نهاية شهر أبريل، أوقفت ستارلينك خدماتها في الكاميرون بناءً على أمر حكومي، حيث اعتبرت الجهة التنظيمية أن ستارلينك تعمل بدون ترخيص وتشكل تهديدًا للأمن الوطني والمنافسة العادلة. وُصفت هذه الخطوة سريعًا بأنها معادية للمنافسة من قبل مراقبي التكنولوجيا المحليين. حيث أشارت ريبيكا إينونشونغ، الخبيرة المخضرمة في الصناعة في دوالا، إلى أن الحكومة تسعى لحماية احتكار شركة الاتصالات الحكومية كامتل.
أكدت إينونشونغ أن كامتل قد أعاقت تقدم الصناعة بشراء سعة قليلة جدًا من الكابلات البحرية وبيعها بأسعار مرتفعة جدًا لمشغلي الاتصالات الآخرين. وقالت إنهم يريدون الاستمرار في السيطرة الكاملة على الإنترنت وقطع الخدمة عند الضرورة.
جدول المحتويات
الصعوبات التنظيمية في إفريقيا
واجهت ستارلينك العديد من العقبات التنظيمية في إفريقيا، حيث تم حظرها في سبع دول، بما في ذلك كوت ديفوار، بوركينا فاسو، جمهورية الكونغو الديمقراطية، جنوب إفريقيا، والسنغال. ولكن تم رفع بعض الحظر بعد تواصل الشركة مع كبار المسؤولين الحكوميين. وبالرغم من أن أكثر من نصف سكان إفريقيا يعيشون في مناطق ريفية، حيث من المتوقع أن يكون الإنترنت عبر الأقمار الصناعية جذابًا للحكومات، إلا أن ماسك لم يظهر رغبة كبيرة في العمل مباشرة مع الحكومات الإفريقية، بما في ذلك في بلده الأم.
في جنوب إفريقيا، لا تزال ستارلينك بحاجة إلى تلبية متطلبات الترخيص التي تفرض نسبة ملكية 30% من شركات الاتصالات لمجموعات محرومة تاريخيًا. أدى ذلك إلى حظر خدمات ستارلينك من قبل هيئة تنظيم الاتصالات المستقلة في جنوب إفريقيا (ICASA)، على الرغم من أن الخدمة استمرت عبر الإنترنت. وتهدف السلطات إلى السيطرة على المحتوى الذي يتم مشاركته، حيث كانت هذه القضية مصدر قلق متكرر للحكومات الإفريقية منذ ظهور الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.
التحديات الاقتصادية والتنظيمية
تعتبر ستارلينك خدماتها مكلفة بالنسبة للأفارقة. في نيجيريا، تبلغ تكلفة الاشتراك الشهري 38,000 نيرة (27 دولارًا)، بينما يبلغ سعر مجموعة التركيب لمرة واحدة 440,000 نيرة (314 دولارًا). بالمقارنة، تقدم شركات الاتصالات المحلية مثل Airtel 1 جيجابايت من البيانات مقابل 1,000 نيرة (0.68 دولار). ويعتبر الريفيون، الذين غالبًا ما يكونون من أفقر الناس في إفريقيا، الأكثر استفادة من خدمات الأقمار الصناعية، لكنهم الأقل قدرة على تحمل تكلفتها.
في يونيو، أصبحت سيراليون الدولة العاشرة في إفريقيا التي تطلق خدمة ستارلينك، بعد عام من منحها الشركة ترخيصًا. وقالت وزيرة الاتصالات والتكنولوجيا والابتكار في البلاد، ساليمة باه، إن هدف الحكومة هو ربط كل مدرسة في البلاد، خاصة تلك الموجودة في الأماكن النائية، مؤكدة أن الإنترنت عبر الأقمار الصناعية أكثر فعالية من حيث التكلفة مقارنة بمد الكابلات إلى المدارس الريفية.
وجهات نظر معارضة
بينما يرى البعض أن الأقمار الصناعية يمكن أن تكون حلاً لتوصيل الإنترنت للجميع، فإن البعض الآخر يعارض ذلك. قال غبينا سيسان، المدير التنفيذي لمبادرة باراديم، وهي منظمة غير حكومية تهتم بالشمول الرقمي في نيجيريا، إنه من العار الاعتماد على ستارلينك لتحقيق التغطية الشاملة بدلاً من التركيز على مد البنية التحتية الأرضية عبر البلاد. وأكد أن التحدي الحقيقي يكمن في استخدام الكابلات الموجودة وتوصيلها عبر الألياف الضوئية، وليس عبر الأقمار الصناعية.
في جنوب إفريقيا، لا تعتبر السلطات أن ستارلينك هي الحل الأمثل لسد الفجوة الرقمية في إفريقيا. وأشار تشارلي لويس، عضو مجلس ICASA، إلى أن تكلفة المعدات المطلوبة، بالإضافة إلى سعر الاشتراك الشهري، تجعل هذه الخدمات بعيدة عن متناول الأفراد الفقراء.
خاتمة
تلخص هذه القضية التحديات الكبيرة التي تواجهها شركة ستارلينك في محاولاتها لتقديم خدمات الإنترنت في إفريقيا. بينما تسعى بعض الدول للتغلب على هذه التحديات من خلال شراكات وحوافز خاصة، لا تزال هناك مخاوف كبيرة تتعلق بالسيطرة على الإنترنت، وتكلفة الخدمات، والجدوى الاقتصادية لخدمات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية. تظل جهود ستارلينك في إفريقيا محاطة بالعديد من التساؤلات حول كيفية تحقيق توازن بين تلبية احتياجات المجتمعات المحلية وضمان الامتثال التنظيمي.
تصفح المزيد من تصنيف مرآة إفريقيا من هنا