ملخص: هذه الدّراسة ستتناول صناعة النخب الإفريقية في ظلّ نظام التّعليم الاستعماريّ. الهدف الرئيس هو عرض واقع التّعليم الاستعماريّ، ودوره الرئيس في تكوين قادة الأفارقة في مدارسها، كما سعت الدراسة إلى اكتشاف الآليات الموضوعية والشكليّة التي عملت على تثبيت الاندماج وتثمين التّغريب في المجتمع الإفريقي. وخلصت الدّراسة بنتيجة العمل على ضرورة تجاوز الأفارقة عملية التكوين النخبويّ على أيدي الغرب منهجا وثقافة، والانتقال إلى اعتماد نهج جديد في استثمار الموارد البشريّة في التّعليم المستمدّ من الهويّة الإفريقية، متّسما بالعالميّة في الأداء والتّطوّر، وإلى نهجٍ في استغلال الموارد الماديّة من أجل اكتفاء ذاتيّ يساعد على تمويل التعليم وتخريج نخب قادرة على المجابهة وإثبات الجدارة في القيادة.
إنّ الأمم تقاس برجالها ونُخَبها، وللنُّخبِ التّأثير الأهمّ في نهضة الأمّة؛ ولذا كانت صناعةُ الإنسان – علماً وثقافةً – أمرا اهتمّ به القادة في التّاريخ القديم والمعاصر. وإنّ لواقع إفريقيا وتاريخها ارتباطٌ وثيقٌ برجالها وقادتها السّابقين سلْباً وإيجاباً، وهكذا بقيتِ القارة الإفريقية تسير وفق خطى أبناءها، فيُلاحظ أنّ لكل جيلٍ ميزته وقيمته، ونقاطه القويّة والضّعيفة.
وقد وقعت البلاد الإفريقية تحتَ ظلّ الاحتلال الاستعماريّ منذ بداية القرن الثّامن عشر إلى منتصف القرن التّاسع عشر[1]، ولا تزال الآثار السّلبيّة لتلك السّيطرة الاستعماريّة المباشرة وغير المباشرة تظهر في المجتمعات الإفريقية وفي سياساتها العامّة. ويمكننا القول إنّ ذلك راجع جُزئيّا إلى اهتمام المُستعمِر بصناعة الإنسان الإفريقي عبر بوابة التّعليم، فمهّدوا لذلك مدارس ومجالس تعليميّة ذاع صيتها في العالم؛ وكان لمشروع التّعليم دور كبير في تكوين وصناعةِ النّخب الإفريقية الذين أبقوْا أثرهمْ في الحركةِ العامّة لسياسات القارة، وعملوا على إنتاج نُسخٍ مختارةٍ من النّخبِ، مشابِهة لهم في الفكر والثقافة، فنتج عن ذلك نخبٌ حاكمة ضيقةُ الأفق تعمل على عرقلة عمليّة التّحرر السّياسي والثّقافيّ. وهذا دون تجاهل لتلك الثّلة الرائدة من النّخب الإفريقية التي ضحّت بحياتها لمقاومة التّعليم الاستعماري قديما وحديثا، وأنجزوا ثورات متعدّدة ضدّ المدّ الغربيّ بكلّ أنواعه.
كانَ الاستعمارُ القسريّ ظاهرة سياسيّة اجتماعيّة انتشرتْ في كثير من دول العالم لكثرة الثّورات فيها. واتصال الاستعمار بإفريقيا كان عميقا من حيث حجم الأعمال المبذولة في سبيل ذلك، ومن حيث الآثار الرجعيّة التي لها دورها في تكوين الإنسان الإفريقي، وفي صياغة الدولة الإفريقية طبيعةً وحكْماً. ومِن وراء كلّ ذلك تساؤلات عريضة للوقوف على الحقيقة، واستيعاب لعبة الاستعمار وكِذبته، والذي بان يقيناً أنّه يحمل راية الاحتلال عبر خطط معيّنة واستراتيجيات خاصّة، وإنّه لأمرٌ مثيرٌ أن تجد الرجل الأبيض يُغادر بلاده التي يدّعي فيها الرفاهيّة والاكتفاء الذاتيّ إلى أدغال إفريقيا التي تمثّل في رأيهم دُولاً فقيرة لا توجد بها إلا الغابات والأشجار، فيأتي زاعما استعمارها بحُسْنِ نيّةٍ دون أن يُريد من ذلك جزاء ولا شكورا!! إنـّها مثيرة حقّا؛ ولكنّها عبارة عن استراتيجيّات لأهداف بعيدة المدى ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب؛ من أجل إجبار الأفارقة ونخبها على الخضوع للاحتلال والإدارة الاستعماريّة.
جدول المحتويات
الاستراتيجيَّةُ العامّة للنظام الاستعماري
كانت ظاهرة الاستعمار عبارة عن الهيمنة المباشرة لدولة أجنبيّة على دولةٍ أخرى، وأساسه الاحتلال، كما احتلّت فرنسا بعض دول غرب إفريقيا[2]. وخطّة الهيمنة على القارة الإفريقية لم تأت عن فراغٍ؛ وإنما بدأت نتيجة لرغبة القوى الدّوليّة في الوصول إلى الأمميّة العالميّة عن طريق السّيطرة على الدّول، والعمل على اضطهاد النّاس، وإغلاق سبيل الوعي أمامهم؛ علاوة على ذلك، كانت حاجتها كبيرة إلى السّيطرة الكاملة على إفريقيا، وإدارتها من أجل صُنعِ الرّيادة في الثّورة الصّناعيّة؛ وذلك بعد أن توجّسوا من مستقبلهم الاقتصاديّ، وأدركوا واقعيّة عدم استمرار الكسب الماليّ الذي كان قائما على تجارة الرّقيق، وخوفهمْ على عدم كفاية محصولاتهم الزّراعيّة لشعوبهم؛ ما اضطرّهم للهجرة إلى إفريقيا وزراعة أراضيها، واستقرّ في رأيهم عدم جدوى المال المتراكم – نقودا كان أو رقيقا – مقارنةً بملكيّة الأراضي لمستقبل زاهر بالخام والمعادن الأرضيّة[3].
وما لبِثَ أن كان الصّراع شديدا بين المستعمرين والزّعماء الأفارقة، وهكذا تسلّطت القوى الاستعماريّة على الاقتصاد الإفريقي عن طريق الغزو والإكراه القانونيّ زيادة على فرض الضّرائب والتكليف بأعمال السُّخرة استغلالا واستعباداً. وفي هذا الصّدد، يُذكر أنّ دولة فرنسا الـمُستعمِرة وضعتْ خططاً استراتيجيّة في اعتماد بعض المناطق الإفريقية كتٌربة فرنسية تقوم على حضارة باريس، وأن تكون تلك الأراضي خصبة لنشر اللّغة الفرنسية وثقافتها في إفريقيا عموما، ومن الناحية الاستراتيجية كان الهدف في ذلك كله خلق مواطنين غربيّين جدد، يعتبرون نخبًا للأفارقة، ولكي يسعوا بكلّ ما أوتوا من علم وفكر وقوة إلى اعتماد الإيدلوجية القوميّة الفرنسية أو الغربيّة في جميع مناحي حياتهم، وقد نجحت فرنسا في ذلك إلى حدّ بعيد نظرا لطول فترة الاستعمار بما يقارب قرنا من الزمن[4]. وامتدت كذلك عمليّة نفوذ التعليم الاستعماريّ على أيدي الإنجليزيين والبرتغاليين والإسبانيين وغيرهم؛ وأدّى ذلك كلّه إلى تشعّب الثقافات في إفريقيا وإلى ازدواجيّة الهويّات بالدّرجة الأولى.
ونجح الـمُـستعمِر في تنفيذ هذه الاستراتيجيّة بربط جلّ الأراضي الإفريقية المستعمَرة ببلدانهم الغربيّة قانونـاً وحكمـاً وإدارةً، وأدّتْ بهم قوّتهم الاحتلاليّة إلى السيطرة والتّحكُّم في زمام الأمور في إفريقيا المستعمرة، الأمر الذي جعلهم ينتقِلون إلى وضْع استراتيجيّات أخرى تكون أكثر عمقا وأشدّ تأثيرا، والتي تقوم على بلورةِ “النّظريّة النخبويّة”[5] تأصيلاً وتطبيقاً في المجتمعات الإفريقية عبر بوابة التّعليم؛ سعيا إلى تكوين جماعة بشريّة تشابههم فكراً وثقافة، يسعون إلى تنفيذ مشاريعهم الاحتلاليّة، ويدافعون عن مصالح الـمُستعمِر، ويعملون على ترويج إرث الاحتلال المعرفيّ ؛ كلّ ذلك في سبيل ضمان استمراريّة الهيمنة وعرقلة التحرّر الإنسانيّ بكل أشكاله.
آليَاتُ صِناعة النُّخب الإفريقية: قراءة في واقع النظام الاستعماري
تبيّن التّجارب السّابقة أنّ عددا من الزّعماء الأفارقة كانوا سبباً في زعزعة الاستقرار الاقتصادي والسّياسيّ للبلدان الإفريقية التي كانت تحت إشرافهم؛ لأنهم انغمسوا في لعبة متهوّرة من الإهمال المالي، وانتهكوا حقوق الإنسان دون عقاب ولا ملاحقة، ولولا سوء إدارتهم لما بقيت إفريقيا تعاني من سوء الإدارة والقيادة. ولقد تم الاعتراف عالمياًّ بأن القيادة السّيئة هي التي جعلت القارة الإفريقية تصنّف في ذيل الأمم. ومن دون شكّ، فإنّهم قادةٌ من نتاج الصّناعة الاستعماريّة. وإنّه لكي تستعيد إفريقيا موقعها الصّحيح في العالم، يجب عليها أن تعمل على صناعة ذاتيّة تكون قادرة على محاربة الخطط التخريبيّة بكلّ أشكالها.
وتعرف النّخب بشكل عام بأنها مجموعة أو فئة قليلة من النّاس يحتلّون مركزا سياسيّا واجتماعيا مرموقا، وتجمع هذه الفئة أعظم الكفاءات في مجال تخصّصها[6]، ومن ثمّ فالنّخب تعبّر عن مجموعات مختلفة ومتنوّعة كالنّخبة السّياسية، والنّخبة الاقتصاديّة، والنخبة العسكريّة، ونخبة المثقفين من الإعلاميين والمعلّمين وغيرهم. ومن المعلوم أنّ في كلّ مجتمع من المجتمعات القديمة أو الحديثة هناك طائفة من النّاس يُطلقُ عليها “النّخبة”؛ على أساس أنّهم القادة، وعلى أيديهم يُدار المسار السّياسيّ للمجتمع، وقد يصلُ بهم الأمر إلى حيازة السّلطة والاستعلاء على المكوّنات المجتمعيّة الأخرى بادّعاء الوجاهة العقليّة والفكريّة، والسّيطرة على الثّروات والتصرّف فيها بلا رقيب. وصناعةُ النّخب الإفريقية التي تكون قادرة على حمل رسائل الاحتلال كانت في مهمّة المستعمِر منذ أمد بعيد من أجل تحقيق أهداف بعيدة المدى؛ فلم يترك جهدا في سبيل ذلك، وخطّط لذلك وسائل وآليات متعدّدة؛ وإنّه لمن العسير حصرُ تلك الآليات؛ لكونها متداخلةً من حيث الرّؤى والأهداف، ومن حيث الشّكل والمضمون؛ ولتوضيح الآليات مجملةً تمّ التقسيم على محورين:
أوّلاً: محور الآليات الموضوعيّة: ويقصُد بها الباحثُ تلك الصّناعة العقليّة التي تركّز على موضوع البناء العقليّ والمعرفيّ الثقافيّ للفرد الإفريقي، وتشمل التّربية والتّعليم. ويبرز الأثر التّطبيقيّ لهذه الآليات في كثير من الزّعماء الأفارقة أمثال الرئيس الأوّل لجمهورية السنغال ليوبول سدار سينغور[7]، والرئيس الثاني للسّنغال عبدو جوف[8]، ورئيس مالي السّابق ألفا عمر كوناري[9]، والبروفسير باتريك لومُمبا[10] وغيرهم كثير.
ومن بين هؤلاء التوغوليّ أكيتي زانكي لاوسن، وهو رجل أعمال توغوليّ، كان مشهورا في مدينته، عُهِد إلى والده من قبل التّجار الإنجليز على كفالتِه ومنحه الأساس في تعلّم اللغة الإنجليزيّة. وهكذا غادر هذا الشّابّ الإفريقي إلى أوروبا للتعلّم، وقد عاد وهو بارع في اللغات الأجنبيّة، ومتشرّب بالثقافة الأروبيّة حتّى النُّخاع، واستطاع أن يبرز نخبويّته في افتتاح المدرسة الأروبيّة الأولى في توغو سنة 1842م، ثمّ العمل على نشر ثقافة التّغريب الفكريّ والعمليّ بكامل تفاصيلها [11].
ومن الطّريف أن سنغور من النّخبة التي كُوّنت على أيدي الاستعمار، وقدّم للمستعمِر في سبيل ذلك إنجازات هائلة؛ ولكنّه في الوقت نفسه ينتقد تلك الآليات والحركة الاستغلاليّة في مجال التعليم قائلا: “إنّه من غير الممكن أن تكون هناك ثقافة رائدة لفئة الشّباب الذين هم في الخارج (الغرب) مالم يتمّ تعليمهم الحضارة الخاصّة بهم (المحلية)، وربطهم بمجتمعهم ثقافة وفنّا، ولغةً وفلسفةً؛ ويَصدقُ ذلك حتّى في زمرة أعضاء النّخبة؛ وذلك لأن التّعليم الخارجيّ كثيرا ما يتجاهل الحضارات الأصليّة ويتناقض معها في النّهج “[12].
ثانيا: محور الآليات الشّكليّة: وهي تلك الوسائل الشّكليّة التي اتّبعها الـمُستعمِر في استقطاب النّخب من المجتمع عبرَ الكنيسة بالتَّكوينِ، وعبر التـّـزويج للتّجنيس لاختيار التّغــرّب. وكانت الكنيسة من الآليات الـمُحكّمة للاستعمار في استخراج نُخب من الأساقفةِ يملكون صوت التّوجيه ونور التّبصير على أن يتمكّنوا في الشعوب الإفريقية جذباً وإقناعاً واستمالةً. وتعتبر الكنيسة الكاتولوكيّة في جزيرة كرابان بجنوب السّنغال من أقدم الكنائس تجهيزا في تنفيذ خطط صناعةِ النّخب المؤهّلة في المجال التبشيريّ[13]. هذا دون نسيان جهود بوانيي الإيفوريّ في خدمةِ المستعمر علي بناء الكنائس؛ حيثُ تمّ بناء أكبر مبنىً كاثوليكيّ بواسطته في منطقة ياموسوكرو بكوتديفوار[14].
ولمْ يكنِ المُستعمِر غافلا عمّا تعمله البيوت الدينيّة والمساجد في توحيد اللُّحمة الوطنيّة عند مسلمي الأفارقة، فسعى سعيا حسيسا في اختراقها عن طريق شراء الذّمم أو هدم التّراث. علاوة على ذلك، عمِد على استعمال أداة التّزويج للتجنيس عملا على غرس الانتماء وتقوية الولاء. وفي ذلك أحسن الكاتب الماليُّ[15] أمادو هامبات باه وصفَ أستاذه السّابق بابا كيتا، وكيف تمكّنت الآليات الموضوعيّة والشّكليّة على شخصيّته التي تعدّ ثمرة من ثمار النّخب المصنوعة في ظلّ نظام التّعليم الاستعماريّ حيث قال على النّحو التّالي: “بالنّسبة لمديرنا السيد بابا كيتا، فقد كان نموذجًا رائعًا للإفريقيّ المتفرنس (الأبيض) العظيم، وكان يرتدي ملابسه باستمرار على الطراز الأوروبي، وتزوج من امرأة أبوها أبيض وأمها سوداء وهي ذات بشرة ناعمة وشعر طويل، ولقد عاشا كحبيبين، وبقيا محبوسين في منزلهما على طريقة الأوروبيين يتغذّيان على الأطباق الأوروبية”[16].
ويشير هذا الوصف إلى ظاهرة التغيّر السّيكلوجيّ الاجتماعيّ في الإنسان الإفريقي، وإلى أيّ مدى كان للشّكليّات الاجتماعية دورها في تغيير الذّات سلباً وإيجاباً، وإن كان مثل هذا التزاوج والنمطيّة في المحاكاةِ لا يعدّ عيبا كبيرا في حدود الاعتبار الإنسانيّ؛ إلاّ أن هذا التّشكّل له دلالته الواضحة في سلخ الهويّة تندّراً واستخفافاً. ومن المثير للاهتمام أن نلاحظ كيف استطاعت الخطط الاستعماريّة في مراحل تواجدها على خلط الهويات الإفريقية وزعزعة وطنيّة الشعوب الإفريقية؛ ما أدّى بالأفارقة إلى تقديس الانتماء الغربيّ، وهكذا أحدثت ذه الآليات أنواعاً متعددة من المواطنين داخل دولة واحدة، ووضعت أحكاما وقوانين إداريّة تطبّق على قوم دون آخرين وفق النّظريّة النّخبويّة السائدة، وهذا بلا شكّ أدّى إلى تضييع الحقوق، وانتشار الظّلم، وضياع الهويّة والثّقافة.
وليس هذا فقط، بل إنّ عددا من النُّخب السَّنَاغلة والأفارقة أُرْسِلوا إلى فرنسا نُوّابا في المجلس البرلمانيّ الفرنسي، ومُنِحو حقّ التّصويت في الانتخابات الفرنسيّة، والقتال في الجيش الفرنسي، ويتمّ ذلك كله بموجب القانون المدنيّ الفرنسيّ. وباختصار، فهم كانوا مواطنين فرنسيين خارج الحدود الإقليمية لفرنسا. وكان لهذه الاستيراتيجية تأثير قويّ في سلخ القوميّة من الأفارقة الذين أصبحوا بالقانون مواطنين فرنسيّين.
وخير دليل على ذلك ما قالته ابنة أخت سنغور ماري لويس غي وهي تصف كيف كان الحال أن تكون مواطنا فرنسيا: “خلال فترة الاستعمار … عشت كامرأة إفريقية، وفي نفس الوقت كان قرار فرنسا في جعل المناطق الأربع في السنغال كأقاليم فرنسية في الخارج، جعل سكان هذه المناطق شعبا متميّزا، حيث مُنحوا وضعا خاصّا، وكانوا مواطنين فرنسيين لهم حقوقهم الخاصّة … وبالتالي لم يكن هناك شيء يُفَرق ويميز بيني وبين امرأة فرنسية شابّة، باستثناء بعض التّمييز العنصريّ إلا أنّ ذلك لم يكن شيئا”[17]مقارنة بما تتمتّع به من حق الجنسيّة الفرنسية.
وهذا النّوع من التصريح هو عين الحرب على المواطنة الإفريقية، وتعدّ الحرب على المواطنة الإفريقية من قبل الغربيّين الجدد –رجال النّخبة- من الأفارقة من أكبر الجرائم المرتكبة في حقّ الشعب الإفريقي الأبيّ[18]. ولمثل هذه السّوابق التاريخيّة تجذّرت الازدواجيّة في الهويّة عند الإفريقي، فلم يعد للمواطنة الإفريقية ذِكر ولا أثر إلّا ما تبقّى من صيحاتها عند الغيورين من أبناء القارة.
التّعليمُ كمُهِمّة أساسية للمستعمر: مدارسُ ومجالسُ
يعتبر التّعليم هو الآلية الأكثر فاعليّة في بناء النّخب، ويتمحور الهدف الأساسي للتّعليم حول الانتقال من الجهل إلى العلمِ، ومن الظّلمة إلى النّور، ومن السّفاهة إلى النّباهة، ومن ضيف حلقات البدائية الفكريّة إلى خِضَمّ الحضارة وتشعب طرقها؛ كل ذلك من أجل إشراك الأجيال في طور بناء مستقبل الشّعوب. والمناهج التعليميّة وأساليبها يلزم دائما أن تكون خادمة للمجتمع لا هادمة له، ويعدّ من أسوأ الأمور استغلال التّعليم من أجل أغراض شخصيّة ذاتيّة، لا يُراد منها إلا التّمكّن من السيطرة وغزو عقول البشر تضييعاً وإذلالاً كما قامت بها المدارس الاستعماريّة في إفريقيا، وقدموا في ذلك الغالي والنّـفيس في تكوين مجالس سياديّة غربيّة تعمل على نشر هوى الغرب في الإنسان الإفريقي.
ويستمرّ شأن التّغريب بالغزو المدرسيّ في الوقت الذي كان ينعم فيه الأفارقة بالتّعليم الدّينيّ والتقليديّ. ويدركُ الغرب هذه الحقيقة حيث يؤكّدون في كتبهم أسبقيّة التّعليم الإسلاميّ في إفريقيا قبل الاستعمار، ويقول في ذلك أحدهم إنّ تاريخ التّعليم الإسلامي تلقّى القليل جدًا من الدراسة في إفريقيا جنوب الصحراء، وخاصةً في إفريقيا الفرنكفونيّة؟؟. ويؤكد آخر بالقول إنّ البحوث عن المدارس القرآنية أو المدارس الدّينية شحيحة، ولم تستفد من النّمو العلميّ إلا في الآونة الأخيرة[19]. ونتيجة لذلك، أصبحت المدارس الاستعماريّة شامخة تطمس المدارس الإسلاميّة ومناراتها العلمية وبأيدي أبنائها عبر خُطَط مدروسةٍ، أَسقطتْ مدارس فنيّة رائدة ومجالس علميّة وجامعات رائدة كجامعة (تمبكتو) في مالي؟؟.
وإنّ اهتمام المستعمر بتأسيس المدارس العلميّة والمجالس السّياسيّة في ربوع إفريقيا لدلالةٌ واضحة على أنّ التّعليم بقي مهمّة رئيسة للاستعمار. وفي معظم البلدان الإفريقية، كانت المدارس على السّاحل حيث كان يتحقق التعامل التجاريّ مع الغربيين في بيع الرقيق والذّهب، وكانت سواحل السّنغال وغانا وتوغو وبينين تمثّل بِقاع مركزيّة للمستعمِر لإثبات الوجود وللهيمنة الثقافيّة باستدراج، وفيها شرَع الـمُستعمر في بناء المدارس والمعاقل التجاريّة وغيرها. ويصف فاندنزيغ هذه الحالة بأنّ تواصل المجتمع الإفريقي بالمجتمعات الأخرى قُبيْل الاستعمار كانت محدودة بشكل عام، وبعد رحيل البرتغال بدأت المحاولات الغربيّة في جلب التّعليم المسيحيّ؛ إلّا أنّ الحركة العمليّة كانت متقطّعة بين الأزمان[20].
ولطول السّاحل الإفريقي، تمكّن المستعمر في بدايته على جمع عدد من النّخبِ السّود البرازليين والسّيراليونيين وثلّة من كبار رجال الأفارقة، بعضهم كانوا عملاء الشّركات الغربيّة وآخرون تجّارا؛ لإشراكهم في الفتوحات الاستعماريّة، وأشركوا بعضهم في مؤتمر برلين في عام 1884م، وهؤلاء الأفراد حصلوا على أساسيّات التّعليم المدرسيّ الغربيّ؛ حتّى إنهم كانوا يتمتّعون بمستوى مساوٍ لنظرائهم في أوروبا، ويتحدثون إحدى اللّغات الأوروبيّة بطلاقة، ويجيدون القراءة والكتابة والحساب،[21] فكيف تمّ توفير هذا التّعليم لهم؟، تمّ توفير ذلك لهم في الحصون التي كانت فيها آباؤهم مذْ كانوا صغارا، فتمّ بناء مدارس صغيرة لتعليمهم فيها وتجهيزهم في حمل رسالة الاحتلال فكرا وممارسة.
في الواقع، وإنّ كانت المدارس الأوروبية متواجدة في إفريقيا منذ بداية الثّمانينات إلّا أنّ كثرة المدارس ودقّة إعدادها كان ملحوظا في بداية القرن التّاسع عشر على أيدي الفرنسيّين في رعايتهم للهويّة الفرنسيّة في إفريقيا؛ وذلك لأن فرنسا تمكّنت من إنشاء إدارات استعماريّة والتي بدورها أرسَتْ بالفعل الأسس المؤسّسيّة للمدارس النّظاميّة[22]. ومع ذلك، فإنّ الفترة الذّهبيّة التي فيها تعمّق التعليم الاستعماريّ في المدارس الإفريقية كانت أثناء الاستقلال وبعده، وبالتحديد في مراحل تطوّره الثلاثة: من سنة 1960م – 1980م، ومن سنة 1980م- 1985م، والأخير في بداية تسعينات القرن الماضي[23].
ومع الاستقلال، كان الالتحاق بالمدارس ظاهرة في الوسط الاجتماعيّ الإفريقي؛ وذلك لتعدّد الإغراءات الغربيّة، زيادة على وضع المستعمِر حظوظا راقية للمتعلّم في المدارس الاستعماريّة؛ من أجل إنجاح خطّتها في إيجاد حماة لوحدتها الاستعمارية يكونون أداة للتّطوير الاقتصاديّ مستقبلا. فقد شهدت المدارس الاستعماريّة في إفريقيا نفورا في بداية سنة 1980م – 1985م، وكاد ذلك أن يشكّل أزمة خوفٍ في نظر المستعمر على فقد الموارد البشريّة، وحدث ذلك بسبب الأزمة الاقتصاديّة والماليّة التي كانت سببا في انخفاض معدّل الالتحاق بالمدارس؛ ونتج عن ذلك مواجهة الاستعمار هذا الاتجاه من خلال زيادة المساعدات الماليّة للتعليم الاستعماريّ.
وأخيرًا، تُمثل تسعينات القرن الماضي مرحلة جديدة تميزت بطفرة جديدة في التّعليم في إفريقيا باستثناء البلدان المتأثرة بالحروب الأهلية، حيث عملت القوى الغالبة على دعم صناعة الإنسان الإفريقي وفق رغبتها وإرادتها، فشهدت المدارس الإفريقية التي كانت على أيدي الاستعمار تنويعا في مجال المدرسة والتعليم.
ومعلوم أنّ المدرسة الإفريقية تأثرت بالاستعمار منذ ولادتها بدايةً من تنظيم المراحل الدّراسية، والمحتوى التّعليمي، والمناهج المتّبعة في إجراءات الاختيار للتّأهيل العلميّ، هذه كلّها لاتزال مرتبطة بقوّة بالإرث الاستعماريّ. والتّاريخ يُسجّل للاستعمار أنّ مدارسه الكبرى في إفريقيا لا تزال أثر إنتاجاتها باقٍ إلى يومنا هذا. فمثلا، “مدرسة وليام بونتي للمعلّمين” الفرنسيّة، التي أسّسها الحاكم الفرنسيّ جان بابتيست شودي في مدينة سين لويس بالسنغال سنة 1903م[24]؛ هي المدرسة التي خرّجت الكثير من المعلّمين النّبهاء الذين أصبحوا بعد فترة وجيزة رجال النّخبة السّياسية في إفريقيا.
إنّ مؤشّرات التّاريخ الاجتماعيّ السّياسيّ تُظهر مدى ترابط عمليّة تكوينهم علميّا بتأهيلهم سياسيّا؛ ولذلك نجد أغلب خرّيجي مدرسة وليام بونتي من ذوي المناصب والوجاهة السّياسية في بلدانهم أمثال: فليكس هوفيت بواني[25] من كوتديفوار، ومودبو كيتا[26] من مالي، ومامادو جاه[27] من السّنغال وغيرهم. ومع ذلك، فإنّ مرور هذه النّخبة المختارة في مثل هذه المؤسّسات التّعليمية، زيادة على تجربتهم في الحياة المشتركة داخل أرقى المدارس الفرنسيّة في غرب إفريقيا، ساهم ذلك كلّه بلا شك في إعطائهم الشّعور بالانتماء إلى مجموعة بشريّة تغايرهم تماما في الهندسة الاجتماعية.
وعلى ذلك، تعمل المدارس الاستعماريّة القديمة والحديثة على تثبيت معايير خاصّة من خلالها يتم الاستقطاب لتسود الثقافة المختارة اجتماعيّا واقتصاديّا وسياسيّا. ويلاحَظ مُعاناة النّخب المتعلّمة من الشباب في المجتمعات الإفريقية من الفجوة المتزايدة بين الهويّة المتخيّلة في المناهج الدّراسيّة والهوية الحيّة في السّاحة الاجتماعيّة، وهكذا تبقى التّطلّعات الكبرى للنّخبة في خدمة المستعمر الأجنبيّ، ويُصبح بذلك واقع الحالات المهنيّة المحليّة إمّا مهمَلة أم مستغلّة.
وكان التّعليم في مهمّات الاستعمار الرئيسة بشكل يفوق الوصف، ويفسّر هذا الاهتمام السعي الحثيث للمستعمِر وخاصّة الفرنسيّ على تخصيص مدارس تعمل على تأهيل وتدريب المسؤولين الاستعماريّين في المدرسة الوطنيّة لما وراء البحار[28]، وكانت المدرسة خاصّة لدراسة الخطط الاستراتيجيّة لسياسة الإدارة الاستعماريّة، وقد حصل نقل جمع مختار من أفارقة الغرب الإفريقي الفرنسي للدّراسة فيها، ويُذكرُ أنّ عدد الأفارقة فيها كان يساوي عدد الفرنسيين الأصليين في المؤسّسة. وبقي المستعمر منذ زمن طويل على تخطيط سياسات التّعليم في إفريقيا لخدمة أهدافه، وأسّس إثر ذلك المعاهد الدّوليّة للإدارة العامّة، ومعاهد اللغات والحضارات، ومجالس وزاريّة لمستعمراته، جاعلاً دوله عواصم الإدارة والقرار مع تمكين السّود على المشاركة الجزئيّة في قرارات المجالس البرلمانيّة[29]؛ من أجل تمرير الهويّة وصناعة الشّخصيّات القادرة على الاقتناع بأفكاره الاستراتيجيّة.
النظام الاستعماريّ ودوره في صناعة النّخب الإفريقية
قدّم نظام التّعليم الاستعماريّ جهده المضنيّ في برمجة العقل الإفريقي باستيراد نظم سياسية، ومناهج تعليميّة، وأسس اجتماعيّة للأفارقة كي تخدم مصالحها، وتعمل على إعاقة النهضة والتطوّر في إفريقيا، وقد خلّف هذا الاحتلال إرثا سيّئا، وبهذا الإرث تكوّنت الدّول الإفريقية وصِيغت بأسلوب غربيّ لا تناسب الوضع الإفريقي على العموم، ولا تزال إفريقيا تعيش هذه الويلات إلى يومنا هذا[30]، وكان لهذا الإرث أيضا دور بارز في تشكيل النّخب الإفريقية عبر بوابة التّعليم في المدارس الاستعماريّة وعبر المجالس والمناصب السياديّة، وعلى هذه الخطى سلكوا في استغلال العقول النّخبويّة وتقييدها؛ ومن شدّة سفاهة جلّ نخب الأفارقة قبولهم الضيم والذّل في خدمةِ المستعمر.
وقد دلّت الأحداث التّاريخيّة إلى أنّ الإرث الاستعماريّ لعِب دورا رئيسا في تكوين القيادات الإفريقية، وفي تثقيف النّخب في القراءة والكتابة، زيادة على شهادة التّاريخ أنّ تلك العقول الإفريقية هي التي ساعدت المستعمر على تأطير النّضالات السياسيّة؛ وخاصّة مثقّفي ونخبِ إفريقيا الفرنسيّة. ويُضرب المثال على ذلك في التّجمّع الديمقراطيّ الإفريقي في غرب إفريقيا، والذي كان يُعدّ منصّة انطلاق لنخب الأفارقة من المعلّمين والمثقّفين بعد تخرّجهم من المدارس الفرنسيّة، والتشرّب من معينها، وكانوا في تلك التّجمّعات التّكوينيّة شركاء في الهوى والهويّة، وما أن وضعت الحرب النضالية أوزارها، وأُعلن الاستقلال إلّا وجُعِلوا قادة لأحزاب سّياسية ورؤساء في بلدانهم. واستند هذا التجمع للنّخبة المتعلّمة على تصوّر أنّهم يشكّلون مجموعة متماسكة ذات اهتمامات متضاربة تكون لها الهيمنة والقوّة المجتمعيّة شريطة القيام بأداء الواجب في خدمة النظام الاستعماريّ.
علاوة على ذلك، تُعدّ جامعة شيخ أنت جوب بدكار[31]من الجامعات التي خدمت الفكر الاستعماريّ حيث إنّها بُنيت على أساس التّأثير في عمليّة تشكيل النّخب الإفريقية، ولم تزل الجامعة تحتفظ ببقايا هذا الإرث في مناهجها وأساليبها التّعليميّة مثلها مثل أكثر الجامعات في غرب إفريقيا تقدّم مساهمتها في التكوين والتأهيل على طريقة المدارس الاستعماريّة. وعادة ما يقال لصالح الاستعمار إنه جلب التّعليم الغربي، ومن ثمَّ الحضارة الغربيّة إلى شواطئ إفريقيا التي تَعْني ضمنا مساهمة إيجابية في التنمية الإفريقية. وهذا القول تضليل ومخالف للواقع. ويُستحسن النظر بحياديّة في استخدامهم التعليم كوسيلة في تفريغ روح المواطنة من الأفارقة؛ لأن هذه الوسيلة لم تكن تصيب هدفها لولا خذلان الأفارقة أنفسهم في قبولها زيادة على تمجديها وتفضيلها على التّعليم المحليّ من غير موازنة بين الصالح منه والطالح.
هذا، وقد شوّه المستعمر تاريخ إفريقيا في المقررات الدّراسية التي وضعها، وخذلت القيادة الإفريقية نفسها في عدم مجابهتها لهذا الخطر، الأمر الذي يجعل الطالب الإفريقي لا يولى اهتماما لتاريخه، ويبجل تاريخ غيره، وينتهي به المطاف إلى عدم افتخاره بوطنه، فأدى به ذلك إلى الانمساخ وضياع الهويّة. ومع ذلك، يلاحظ عمق التشكّل المريب في الانتماء، ويُتأسَّف على الوضع الإفريقي حين يتعلّق الأمر بتطوير بلده سواء في السياسة أو في الاقتصاد أو في التخلّق اجتماعيّا بالصورة التي ترضاها الأعراف الإفريقية.
ويرى ستفين أنّ التعليم الغربيّ لم يكن متجذّرا في الثقافة الإفريقية وبالتالي لم يكن قادرا على تعزيز أي تنمية ذات مغزى داخل البيئة الإفريقية[32] وإن سلّمنا له هذا الرأي بالصواب إلّا أنه تجاهل الإرث الاحتلاليّ التعليميّ، والذي لم يكن مقتصرا فقط على سنوات الاحتلال، بل امتدّ إلى ما بعد الاستقلال إلى يومنا هذا، وأقرب مثال على ذلك كون بعض الدّول الإفريقية لا تزال تعتمد على اللغة الإنجليزية أو الفرنسية لغة رسميّة لها في إدارات الدّولة وفي المدارس والجامعات. هذا لا يعني أن الأفارقة لا يتحمّلون مسؤولية هذه المأساة، ولا نعني بذلك الرفض التّام للاستفادة من اللغات أو العلوم الأخرى، وفي المقابل فإنّه عبارة عن تأكيد الدّور الخبيث الذي لعبته دول الاحتلال جَرْيا وراء مصالحها، ومحاصرتها للسلطات الإفريقية اقتصاديّا إزاء أية حركة تمثّل الانسلاخ من نيران الاحتلال المستمر.
التّعليم الغربي الاستعماري والسؤال البديل: مُقاومة أم مُقاربة؟!
لمْ يستطع المستعمِر أن يُقْنع جميع سادة بلاد إفريقيا على التأقلم مع التّعليم الغربي رغم محاولاته المكررة، وسعيه الدؤوب في سبيل رفع طبقات المتخرجين من مدارسه، حيث قام كثير من السّادة الأفارقة في شتى أصقاع البلاد الإفريقية بكل ما أوتوا من قوة لصد أبناء جِلدتهم عن الدخول في هذه المدارس الاستعمارية باستعمال أساليب مختلفة، ولعل القدماء كانوا أشد عداءً لهذه المدرسة الاستعمارية، ويمكن استخلاص سبب هذه العداوة في سعي المستعمر إلى إطفاء المدارس التّقليدية الإسلامية بلا هوادة، حيث فرضوا قوانين صارمة تسعى إلى التعجيز والتّعقيد في سبيل منع المعلمين المسلمين عن مواصلة رسالاتهم التّعليمية. فضلا عن العداوة السافرة التي أظهرها الرجل الغربيّ، وظهور فكرة تغريب الطّفل الإفريقي، أو سلخه من ثقافته لزرع الثقافة الغربية مكانَها؛ مما أدى إلى انتفاضة المعلمين والسادة الأفارقة وقت ذاك.
اشتدّت مقاومة التعليم الاستعماريّ إثْر تلك الهجمات العنيفة التي كانت تصدر من هؤلاء المستعمِرين بين الفَيْنة والأخرى؛ مما أدى إلى إيقاظ الوطنية والقومية في بعض نفوس بعض الأفارقة، وحملهم على التشبث بهويتهم وثقافتهم، ومحاربة أهواء المستعمر الغربي بدون هوادة. وهذه الأسباب المذكورة عملت على ثورة بعض السادة الأفارقة الذين فهموا المدّ الغربي، وخافوا على أولادهم أن يتأثروا من هؤلاء الغربيين الغزاة، أو أن ينسوا تلك الكوارث التي نشرها الغرب في بلادهم؛ فاستعملوا وسائل مختلفة لصدّ الأبناء عن المدارس الاستعماريّة، على سبيل المثال: مَنعُ الأولاد من الدخول في هذه المدارس، وإبقاؤهم في المدارس التقليدية المتمثلة في الكتاتيب القرآنية. وكذلك شرعنة الإقصاء باتّهام الغرب بالكفر والاغتصاب، وتسمية التّعليم الغربيّ بمسمّيات يَحْمِل المسلم الإفريقي على الابتعاد عنه. وفي الأخير، نشر فكرة هجرة المدارس الاستعماريّة في أوساط الناس، والعمل على بيان كيفيّة كون الغربي يحاول أن يسلخ المسلم من دينه حالما يدخل في المدرسة.
هذا، ويمكن القول إنّ هذه المقاومة القديمة قد أتت أكلها في كثير من المدن العلميّة الشّهيرة في إفريقيا عموما، وفي قرى فوتا تورو خصوصا[33]؛ حيث عملت هذه المقاومة على الحدّ من المدّ الغربي التّعليمي غير أنّ الرجل المستعمر الأبيض استطاعت أن يجابِهَ هؤلاء المقاومين، ويكسر عصا وحدتهم؛ وذلك بإقناع بعضهم على الاستسلام والخضوع لهم بطرق مختلفة، الأمر الذي جعل بعض العوام يتنازلون عن المقاومة ويُدخلون أبناءهم في المدارس الاستعمارية تأسيا ببعض السادة المتنازلين عن مبادئهم.
وفي العصر الحديث، بعدما استتبت المدارس الاستعمارية في كل أنحاء بلاد إفريقيا، وانتشرت تعاليمها في القرى والمدن وأصبحت رسميّة بل فريضة وطنيّة يبدأ بها المواطن إذا أراد أن يكون شيئا مذكورا في الصعيد الإفريقي، في هذا العصر بالذات استطاع التّعليم الاستعماريّ الغربي أن يبسط نفوذه بعد تنازل أكثر المقاومين الذين اقتنعوا فيما بعد بضرورة إدخال أبنائهم في هذه المدارس. ويُعد هذا التأثير القويّ من أبرز انعكاسات الاحتلال الغربيّ على واقع التّعليم الإفريقي.
وهكذا نجد لمقاومة التّعليم الاستعماريّ حيزا كبيرا في المجتمع الإفريقي قديما وحديثا لأسباب معيّنة، وفي الوقت نفسه يظهر جليّا مدى وجود صنف كبير من الأفارقة تبنّوا أسلوب الموافقة على التّعليم الاستعماريّ منذ القدم، وما زال الأمر في ازدياد مستمرّ في العصر الحديث، ومن هذا الأسلوب الوفاقيّ تخرّج رجال النّخب السياسية في الوطن الإفريقي؛ إلّا أنّ الناظر بعين حصيفة ناقدة يرى أنّ المقاومة السّابقة لم تكن معتمدة على استراتيجيات بعيدة المدى؛ ممّا أدى إلى انهيارها نوعا ما في العصر الحديث، ويجوز لنا القول إنّها كلّفت الأفارقة كثيرا؛ فلا هم استطاعوا تنحية التّعليم الغربيّ، ولا هم تمكّنوا منه بطريقة تُبعدههم عن الانصهار فيه، وتساعدهم في بلوغ مرادهم لإثبات هويّتهم التّعليميّة.
بل في بعض الأحيان يُفرض عليهم الواقع التّعليميّ المعاصر؛ ليعودوا إلى التّعليم الاستعماريّ دراسة وتمكّناً، ويدفع في سبيل ذلك مبالغ طائلة، وكان بالإمكان تفادي ذلك إن كانت المقاومات السّابقة بُنيت على استراتيجيات متينة لا على العواطف المجرّدة، ربما حدث ذلك في تلك الفترة لتفوّق المستعمِر على المستعمَر في مستوى التخطيط، وفي الإمكانيّات؛ علما بأنّ هناك جهوداً أخرى كانت لا ترى الحلّ في الإبعاد النّهائي، ولكن بأسلوب التّقارب الذي يعمل على نهج وسط من أجل بناء الذّات الإفريقية القادرة على مجابهة المُستعمر فكرا وأداءً.
بناء على تلك التّجارب سّالفة الذكر يأتي السّؤال عن البديل في هذا الواقع الحرج للتّعليم في إفريقيا بعد تشويهٍ استمرّ لعقود طويلة. ومع كثرة صور التباكي على الواقع التّعليميّ المؤلم، والذي لم يخرّج لنا إلى الآن إلّا القليل من القادة النّموذجيين في إدارة القارة الإفريقية. فيحتاج الأفارقة إلى إصلاح الأنظمة التعليميّة وتطويرها عن طريقة تبنّي اللّغات الإفريقية المحلّية في التّعليم، والعمل على زيادة مشاركة المعلّمين لصانعي السّياسات، وجعل التعليم عنصرا أساسيّا لتحقيق التنمية من أجل تأهيل نوع جديد من الخرّيجين في مجالات مختلفة[34].
خلاصة
في نهاية الدّراسة، يمكننا القول بأن مشروع التّعليم الغربيّ أثناء الاستعمار له الدّور الأكبر في تكوين النّخب الإفريقية من خلال المدارس الغربية الذين أبقوْا أثرهمْ في الحركةِ العامّة لسياسات القارة، حيث أنه في فترة الاستعمار، عكف الغربيون على تعليم الأفارقة الفكر والثقافة، وبقي هذا الإرث الغربي على أيدي كبار القادة الأفريقيين، الأمر الذي أدّى إلى وجود خلل كبير في الاندماج الوطنيّ والثقافيّ لكثير من الأفارقة؛ وذلك نظرا للأدوات العلمية والوسائل السياسية التي فُرضت عليهم التمسك بها في تسيير حياتهم . ومن اللّافت للنظر، انتشار التّعليم الغربيّ سياسة وثقافة في المجتمع الإفريقي ودور ذلك في تكوين النخب الأفريقية، ويمكن تلخيص العملية والنتيجة في الآتي:
- تنفيذ المستعمر استراتيجية ربط جلّ الأراضي الإفريقية المستعمَرة ببلدانهم الغربيّة قانونـاً وحكمـاً وتعليما وإدارةً، وأدّتْ بهم قوّتهم الاحتلاليّة إلى السيطرة والتّحكُّم في زمام الأمور في إفريقيا المستعمرة، وكانت بوابة التعليم مدخلا رئيساً لهم في تحقيق مهمّة صناعة النخب الأفريقية
- قدرة المستعمر على صناعةُ النّخب الإفريقية التي حملت رسائل الاحتلال منذ أمد بعيد من أجل تحقيق أهداف بعيدة المدى؛ فلم يترك جهدا في سبيل ذلك، وخطّط لذلك وسائل وآليات متعدّدة، بعضها موضوعية وأخرى شكليّة.
- استغلال التّعليم الغربي كمهمّة من أجل أغراض شخصيّة ذاتيّة، أُريد منها التّمكّن من السيطرة وغزو عقول الأفارقة تضييعاً وإذلالاً كما قامت بها المدارس الاستعماريّة في إفريقيا، وقدموا في ذلك الغالي والنّـفيس في تكوين مجالس سياديّة غربيّة تعمل على نشر هوى الغرب في الإنسان الإفريقي. وبقي المستعمر على تخطيط سياسات التّعليم في إفريقيا لخدمة أهدافه، وأسّس إثر ذلك المعاهد الدّوليّة للإدارة العامّة، ومعاهد اللغات والحضارات، ومجالس وزاريّة للمستعمرات، جاعلاً دوله عواصم الإدارة والقرار مع تمكين السّود على المشاركة الجزئيّة في قرارات المجالس البرلمانية
- تغلغلُ التّعليم الاستعماريّ الغربي حتى استطاع أن يبسط نفوذه بعد تنازل أكثر المقاومين الذين اقتنعوا فيما بعد بضرورة إدخال أبنائهم في هذه المدارس. ويُعد هذا التأثير القويّ من أبرز انعكاسات الاحتلال الغربيّ على واقع التّعليم الإفريقي.
- تشويه المستعمر تاريخ إفريقيا في المقررات الدّراسية التي وضعها، وخذلت القيادة الإفريقية النخبوية نفسها في عدم مجابهتها لهذا الخطر، الأمر الذي يجعل الطالب الإفريقي لا يولى اهتماما لتاريخه، ويبجل تاريخ غيره، وينتهي به المطاف إلى عدم افتخاره بوطنه، فأدى به ذلك إلى الانمساخ وضياع الهويّة.
توصيات
وعليه إذاً، ولتفادي تلك الآثار السلبية التي خلفها الاستعمار عبر بوابة التعليم، فإنّه لا بدّ من نهجٍ مختلف في استثمار الموارد البشريّة في التّعليم المنبثق من أصالة الهويّة، يتّسم بالعالميّة في الأداء والتّطوّر، نهج في تمكين الموارد الماديّة من أجل اكتفاء ذاتيّ يساعد على تمويل التعليم، وتخريج نخب قادرة على المجابهة، وإثبات الجدارة في القيادة.
فالتّغيير ممكن، والبديل وارد؛ ولكنّه طريق محفوف بتضحيات كبيرة؛ إذ لا بدّ من الثبات على إرادة التغيير المنهجيّ لمقوّمات الحياة من تعليم وسياسة واقتصاد، ولا بدّ من البقاء على إدارة التغيير وفق المعطيات الواقعيّة، وعلى قانون الأولويّات دون انجرار وراء التّسويف، وتحميل المسؤوليّة على الآخرين. وتبقى الأولويّة في تطوير القيادة الإفريقية، وبحاجة إلى المزيد من التّفاني في سبيل إنجاح برامج الإدارة والتكنولوجيا في الجيل المعاصر من أجل صناعة نخَب مختارة على أسس تصوّرات مستقبليّة تكون في صالح العالم عموما وفي إفريقيا خصوصا.
_____________________
هوامش وإحالات
[1] Stephen Ocheni, Basil C. Nwankwo (2012). Analysis of Colonialism and Its Impact in Africa. Cross-Cultural Communication, 8 (3), 46-54.
[2] Stephen Ocheni, Basil C. Nwankwo (2012). Analysis of Colonialism and Its Impact in Africa. Cross-Cultural Communication, 8 (3), 46-54.
[3] المرجع السّابق
[4] عبد الرحمن كان، مبدأ المواطنة في الفقه الإسلاميّ بالتّطبيق على دستور جمهوريّة السنغال، رسالة ماجستير غير منشور ص 90.
[5] النخبوية: هي نظريّة سائدة، وتعني الاعتقاد أو تبني فكرة أن الأفراد الذين يشكلون نخبة المجتمع - مجموعة معينة من الناس ذوي أصول معينة ومستوى فكر عالي وثروة ومهارات وخبرات مميزة- هم الأكثر احتمالًا وكفاءةً في بناء المجتمع ككل، ولذلك يستحقون نفوذًا أو سلطة أكبر من سلطة الآخرين. ويكيبديا. وتوجد كتب كثيرة مؤلّفة في دراسة النظريّة تاريخيّا ومدى تطوّرها واعتبارها في علم الاجتماع السياسيّ.
[6] محمد علي حمود، وسعد السعيدي. "تطبيقات نظرية النخبة ونظرية الدومينو في بلدان الربيع العربي." مجلة الكوفة للعلوم القانونية والسياسية 6.17 (2013): 347-369.
[7] ينتمي لوبولد سيدار سنغور إلى فئة قليلة من الشّخصيات الإفريقيّة التي برزت إلى الساحة، وحظيت بشهرة عالميّة مدوية خلال القرن الميلادي المنصرم، وهو أول رئيس لدولة السنغال، تولّى الحكم من سنة 1960م-1980م. وتوفي سنغور في 20 كانون الأول / ديسمبر سنة 2001م ببلدة فنسون الفرنسية، والتي كان يقيم بها منذ أن غادر كرسي الرئاسة السنغالية، ثم نُقل جثمانه إلى السنغال، حيث دُفن بمقبرة «بلّير» في دكار. أخذا عن مقالة: لوبولد سنغور ... صراع السياسة، الفكر والدّين وراء قناع الشّاعريّة، للكاتب د.محمد سعيدباه، في موقع قراءات أفريقيّة.
[8] هو سياسي سنغالي كان ثاني رئيس للسنغال من عام 1981 إلى عام 2000. ويشتهر جوف بالوصول إلى السلطة بالسلمية، وتركه عن طيب خاطر بعد هزيمته في انتخابات عام 2000 الرئاسية أمام عبد الله واد. وكان أيضًا الأمين العام الثاني للمنظمة الدولية للفرانكفونية من يناير 2003 إلى ديسمبر 2014.
Packard, Randall. International development and the social sciences: Essays on the history and politics of knowledge. Univ of California Press, 1997
[9] ألفا عمر كوناري ، من مواليد 2 فبراير 1946 في كايس (مالي) ، هو رجل دولة مالي. وكان رئيس الجمهورية من 1992 إلى 2002 ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي حتى عام 2008. المرجع السّابق
[10] هو الوزير باتريس لومومبَا مناضل أفريقي ولد بتاريخ 2 يوليو 1925م في كوركومبي بجمهورية كونغو الديمقراطية، وينتمي إلى قبيلة المونغو الشهيرة وكان سياسيا بارزا ومن الطراز الأول من المقاومين الكونغوليين زمن الاحتلال البلجيكي. وزوجته هي بولين اوبنجا لومومبا وهو منشأ الحزب الحركية الوطنية ومن أولاده فرانسو ورولا لومومبا. وقد كان موظفا في أعمال البريد بعد أن تخرج من المدارس الاستعمارية وهو حينئذٍ في 19 من عمره، ثم سجن بتهمة السرقة أو اختلاس مال الدولة. لقد شهدَ الوزير مؤتمر أكرا التي أقيمت لأجل منظمة الوحدة الفريقية ثم إنه بسبب مظاهرات واحتياجات قام بها هو وَأنصاره اعتقل سنة 1959م ثم نقل من السجن إلى بروكسيل لأجل مفاوضات هدفها تحديدُ مستقبل الكونغو. وبسبب هذه المفاوضات أجرت في كونغو انتخابات استفتائية عامة لسبر رأي الشعب في أمر استقلال بلدهم، قتل بتاريخ 17 يناير 1962.
Adi, Hakim, and Marika Sherwood. Pan-African history: Political figures from Africa and the Diaspora since 1787. Routledge, 2003.
[11] Marie-France LANGE. Naissance de l'école en Afrique subsaharien page N.53
[12] Mohamed Kamara. EDUCATION ET CONQUETE COLONIALE EN AFRIQUE FRANCOPHONE SUBSAHARIENNE. Page N.2
[13] جزيرة كارابان: هي جزيرة وقرية تقع في أقصى الجنوب الغربيّ في مصبّ نهر كازماس بالسنغال. كانت الجزيرة تعتبر مكانا مثيرا للاهتمام لما فيها من ثروات أرضيّة وفواكه متنوّعة. وفي ٢٢ يناير ١٨٣٦، تخلّى زعيم القرية عن الجزيرة للمُستعمر الفرنسيّ بثمن بخس. وجعل فرنسا الجزيرة مكانا تجاريّا، ويُذكر أن فرنسا في تلك الفترة كانت تحمل حاويات بضائع من أروبا لتبيعها في تلك الجزيرة، وتعبّئ السفن بالبضائع من الجزيرة إلى فرنسا للبيع؛ دلالة على مدى النشاط التجاري والثروة المادية في الجزيرة. وكانت المنطقة استراتيجية للمستعمر حيث أسسوا فيها أول بعثة كاتوليكية وهكذا تم بناء مبنى الكنيسة فيها سنة ١٨٩٠، وأصبح بقعة مهمّة لتخريج نخبها المختارة.
Gilles, Sylvain. "Observations sur le captage et la croissance de l’huitre creuse ouest-africaine, Crassostrea gasar, en Casamance, Senegal." (1991).
[14] Lanoue, Éric. "Les écoles catholiques et la construction des «identités scolaires» en Côte d’Ivoire." Cahiers de la recherche sur l’éducation et les savoirs 3 (2004): 75-91.
[15] نسبة إلى دولة مالي
[16] Jean-Hervé Jézéquel, « Les enseignants comme élite politique en AOF (1930-1945) Page N.6
[17] Marie Louis Potin Gueye (1995). Personal interview (December 21) مقابلة خاصّة
[18] عبد الرحمن كان، انعكاسات الاحتلال الغربيّ على المواطنة الأفريقيّة: دراسة في الأبعاد والآثار. مجلّة قراءات أفريقية. العدد 38
[19] Marie-France LANGE. Naissance de l'école en Afrique subsaharien page N.53
[20] Marie-France LANGE. Naissance de l'école en Afrique subsaharien page N.54
[21] المرجع السابق ص 54
[22] Jean-Hervé Jézéquel, « Les enseignants comme élite politique en AOF (1930-1945) Page N.4
[23] Pourtier, Roland. "L'éducation, enjeu majeur de l'Afrique post-indépendances." Afrique contemporaine (2010): Page 3.
[24] Sabatier, Peggy R. "African Culture and Colonial Education: The William Ponty School" Cahiers" and Theater." Journal of African Studies 7.1 (1980): 2.
[25] ولد في عام 1905م وهو رئيس الأول لجمهورية ساحل العاج من 1960 حتى وفاته عام 1993. شغل عدة مناصب وزارية في الحكومة الفرنسية قبل أن يقود ساحل العاج بعد الاستقلال في عام 1960. لعب طوال حياته، دوراً هاماً في السياسة وفي عملية إنهاء الاستعمار في أفريقيا. ويكيبديا.
[26] موديبو كيتا ولِدَ في 1915 م باماكو و هو أول رئيس لجمهورية مالي والذي حكم بلاده ما بين 1960 و1968 وتوفي في 16 مايو 1977 في معسكر "دجوكوروني" للاعتقال وسط باماكو بعد تسميمه من قبل حراس المعتقل كان من المنادين بالوحدة الأفريقية وأحد أكبر زعماء الاشتراكيين في قارة أفريقيا.
[27] وهو الرئيس ممدو جاهْ من مواليد سنة 1910م وقيلَ 1911م والاول هوَ الأرجح. نشا من أسرة دينية فابوه من اصل فوتي كانَ من عمال السكة الحديدية في تياس (سِمِي دُو فِيرْ) وامه انخردت من اسرة سيريرية، ففي هذه البيئة الطيبة السلمية التي يعرفها كل من له أدنى باع حول ثقافة السنغال نشأ وَ ترعرع البطلُ المظلومُ، كبش الفداء في الازمة الدستورية في السنغال سنة 1962م.
[28] Singaravélou, Pierre. "«L’enseignement supérieur colonial». Un état des lieux." Histoire de l’éducation 122 (2009): 71-92.
[29] مثال ذلك : مشاركة سنغور في البرلمان الفرنسيّ وكان نائبا فيه قبل الاستقلال.
[30] عبد الرحمن كان، انعكاسات الاحتلال الغربيّ على المواطنة الأفريقيّة: دراسة في الأبعاد والآثار. مجلّة قراءات أفريقية. العد 38
[31] أسست جامعة داكار في عام 1957 ، الآن باسم جامعة شيخ أنتا ديوب ، أقدم جامعة للإمبراطورية الفرنسية الاستعمارية السابقة في إفريقيا السوداء، وتم افتتاحها قبل أشهر قليلة من استقلال السنغال.
[32] Stephen Ocheni, Basil C. Nwankwo (2012). Analysis of Colonialism and Its Impact in Africa. Cross-Cultural Communication, 8 (3), 46-54
[33] Robinson, David. "The islamic revolution of Futa Toro." The International Journal of African Historical Studies 8.2 (1975): 185-221.
[34] حكيم نجم الدّين . إصلاح التّعليم حلّ لتحدّيات التنمية في أفريقيا. مجلة قراءات أفريقيّة. العدد 38