في ظل الحجج المتداولة بشأن أن إفريقيا قد عانت تاريخيًا من التمثيل السلبي والنمطي لها ولقضاياها من قِبَل نظام إعلامي شمالي (الشمال المتقدم)، وأن القارة لم يكن لها أي تأثير يذكر، بما أدى إلى الانخفاض الواضح في الاعتماد على هذه المصادر، وما أظهرته الأبحاث من السبعينيات وحتى التسعينيات من أن التمثيل الدولي لإفريقيا كان ضيقًا ومحملًا بالصور النمطية ويعتمد على تصوير “الآخر” على أنه المرتجل الوحشي في كثير من الأحيان.
كما توصلت له هيذر بروكس في تحليلها لتغطية صحيفتي ديلي تلغراف والغارديان لإفريقيا في عام 1990، من أن إفريقيا كانت ممثلة في الصحافة البريطانية باعتبارها “بقعة تتميز بالعنف والعجز وانتهاكات حقوق الإنسان والافتقار إلى الديمقراطية”. كما كان يتم التعامل مع إفريقيا كما لو كانت دولة واحدة. يسكنها قطعان ضخمة من الحيوانات وأناس طوال أو قصار القامة، نحيفين يتضورون جوعًا.
ومع كل هذه النقاشات، تتجلى أهمية البحث حول وسائل الإعلام الدولية التي تروي قصة إفريقيا لشتى أنحاء العالم، من حيث تمويلها، وأجنداتها، وتصوراتها، وتأثيرها المرتد إلى إفريقيا. وعليه، يبحث كتاب “صورة إفريقيا في وسائل الإعلام الأجنبية خلال القرن الحادي والعشرين“ في تغطية وسائل الإعلام الدولية لقضايا دول إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
ويعمل الكتاب المُحرَّر من كبار الباحثين والصحفيين البارزين على استكشاف الكيفية التي تُمثّلُ بها القارة، وإنتاج صورتها، من قِبَل وسائل الإعلام الدولية. كما يسلط الكتابَ الضوء على العوامل التي أسهمتْ في تحوّل بوصلة وسائل الإعلام العالمية وأهدافها، وكذلك وسائل الإعلام الجديدة التي باتت منصة هامة للتعبير عن الأصوات الإفريقية المهمشة التي قد تغفل عنها الوسائل الأخرى.
كما يقدم الكتاب إسهامات بحثية لافتة من خلال تكثيف المناقشة الأكاديمية إلى ما هو أبعد من الانتقادات التقليدية للصور النمطية الصحفية، والتشاؤم الإفريقي، وتغطية الأخبار حول “إفريقيا الأكثر قتامة”.
كما يستكشف جوانب منصات الأخبار العالمية غير المروية، وتأثيرات القوة الدولية، والأدوات التقنية التي تشكل وتعيد تشكيل الصورة المعاصرة لإفريقيا والأفارقة في الصحافة والثقافة العالمية.
جدول المحتويات
أولًا: أقسام الكتاب، بنيته، وصورة الغلاف
ينقسم الكتاب إلى أربعة (4) أجزاء رئيسة، شملت 28 مقالًا عن صورة إفريقيا المتغيرة بوسائل الإعلام الأجنبية؛حيث يضم كل جزء عددًا من الدراسات ذات الصلة بالمحور الذي يدور حوله هذا الجزء.
جُسِّدتْ صورة الغلاف في شاب أفريقي يحمل في يديه كاميرا، تبعث برسالة مفادها أنّ صورة إفريقيا باتت في أيدي الأفارقة، وأنها لم تعد تعتمد على النظرة الغربية لرواية حكايتها.
فجاء القسم الأول بعنوان: تشكيل وتأطير إفريقيا،” والذي تناول عدة موضوعات. كان أبرزها: كيف تتم التغطية الإخبارية الدولية لإفريقيا، ووجهات نظر وسائل الإعلام الدولية، وكيف تُعدّ التقارير عن إفريقيا، ولماذا لا نكتب حول طريقة الكتابة عن إفريقيا؟، وتأملات في خطابات التقارير الدولية والتهويل وتغييب العقل فيما يخص صورة إفريقيا. وأخيرًا، صورة إفريقيا من وجهات نظر الصحافة الأفريقية في الشتات، بالتركيز على الشتات الإفريقي بالمملكة المتحدة.
أما القسم الثاني، فجاء بعنوان: “صانعو صورة إفريقيا“. فقد شمل عددًا من الموضوعات، كان أبرزها: المراسلون الغربيون في شرق وجنوب إفريقيا، وتأثيرهم وتواصلهم مع جمهورهم، ووجهات نظر في التقارير الإعلامية عن إفريقيا بعد مرور 30 عامًا، والمراسلون الأجانب في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، والتركيبة السكانية والاجتماعية والثقافة المهنية لديهم.
كما تناول هذا الجزء قضية وسائل الإعلام الاجتماعي وسرديتها الجديدة، مثل: الانستجرام في جنوب إفريقيا كمنصة للثقافة البصرية الجديدة.
وبالانتقال إلى القسم الثالث، فقد ركز الكتاب على تناول الإعلام الدولي لإشكالية التنمية والأزمات الإنسانية في إفريقيا؛ كوجهة نظر وسائل الإعلام العالمية في قصة التنمية في إفريقيا، وإن كانت لاتزال عالقة في المساعدات أم لا.
وعلى صعيد الأزمات الإنسانية، يركز الكتاب على تناول وسائل الإعلام البريطانية لمرض الإيدز في إفريقيا، وهل يتم توظيف وجهات نظر وسائل الإعلام الدولية لتحقيق غايات بعينها؟ وصولًا لتحدي الصورة النمطية لإفريقيا عبر أدوات تعتمد على الدعابة والسخرية.
ووصولًا إلى القسم الرابع والأخير من الكتاب، فقد جاء بعنوان: “السياسة وتجسيد صورة إفريقيا في الإعلام الدولي“. وحاول الكتاب تسليط الضوء على بعض القضايا ذات الصلة بالسياسة والمجال العام في إفريقيا، مثل: وجهات نظر وسائل الإعلام الدولية حول وسائل الإعلام الجديدة والمشاركة الأفريقية في الفضاء العام العالمي.
ثم انتقل إلى دراسة واقع إفريقيا بعيون الإعلام الصيني وتصوراته حول إفريقيا، وجدلية الإمبريالية الجديدة والصورة النمطية الإفريقية، واختتم بأدوات الإعلام وعلاقته بالعنف من خلال تسليط الضوء على الاستراتيجيات الإعلامية لجماعة بوكو حرام.
أما فيما يتعلق بصورة الغلاف، فيعتبر البعض أنها أحد أبرز إنجازات الكتاب؛ فهو لا يُظهِر منقذًا أبيض للقارة على الغلاف، ولا أشجار أكاسيا أو باوباب أو صور غروب الشمس، أو غيرها من الكليشيهات النمطية عن القارة التي لا تطاق.
فبدلاً من ذلك، جُسِّدتْ صورة الغلاف في شاب أفريقي يحمل في يديه كاميرا، تبعث برسالة مفادها أنّ صورة إفريقيا باتت في أيدي الأفارقة، وأنها لم تعد تعتمد على النظرة الغربية لرواية حكايتها.
ثانيًا: أهمية كتاب صورة إفريقيا في وسائل الإعلام الأجنبية خلال القرن الحادي والعشرين
تبرز قيمة هذا المؤلَّف وأهميته في أنه حتى عام 1992 لم تكن صدرت بَعد كتابات بحثية تفصيلية حول الطريقة التي يتم بها تسليط الضوء على إفريقيا وقضاياها في وسائل الإعلام الدولية، وماهية هذه الوسائل الأجنبية والقائمين عليها. وعليه تأتي أهميته في كونه أول إصدار يقيّم من رؤى متعددة، الطريقة التي يتم بها نقل واقع إفريقيا جنوب الصحراء في وسائل الإعلام غير الإفريقية، على نحو ثري ومفصل.
وجدير بالذكر، أنّ “بيفرلي هوك” كانت قد حررت مؤلَّف عن صورة إفريقيا في الإعلام الدولي في عام 1992؛ لكنها ركزت على نقل الصورة من زاوية وسائل الإعلام الأمريكية. وقد اعتُبِرَ هذا العمل رائدًا، وفاز بجائزة “سيجما دلتا تشي” لأبحاث الصحافة من جمعية الصحفيين المحترفين.
ومنذ ذلك الوقت، تغيَّر الكثير، ليس فقط في وسائل الإعلام الأجنبية، ولكن أيضًا في الطريقة التي يتم بها نقل واقع إفريقيا. وعليه، يسعى هذا الكتاب إلى دراسة الصورة الإفريقية عبر وسائل الإعلام الدولية، على نحو أوسع نطاقًا.
ثالثًا: الأفكار الرئيسة للكتاب
-
تمثيل إفريقيا في الإعلام الدولي.. من إفريقيا الأكثر بؤسًا إلى إفريقيا الصاعدة
ترتكز مجموعة كبيرة من الأبحاث على فرضية مفادها، أنّ التغطية الإخبارية الدولية لإفريقيا جنوب الصحراء في تسعينيات القرن العشرين كانت مبسطة، وعنصرية، وسلبية بشكل كبير في موضوعها ونبرتها، كما وصف الأكاديميون هذه التغطية السلبية بأنها شكل من أشكال “التشاؤم بشأن المستقبل الأفريقي”؛ لأنها تشير إلى أن إفريقيا لديها احتمالات مستقبلية ضئيلة أو معدومة للتطور.
وفي محاضرتها الشهيرة في مؤتمر تيد، أشارت شيماندا نغوزي أديتشي إلى خطورة هذه “القصة الوحيدة” السلبية عن إفريقيا، مؤكدة على أنّ المشكلة مع الصور النمطية ليست أنها غير صحيحة؛ بل إنها غير مكتملة. وإنها تجعل قصة واحدة تصبح مع الوقت القصة الوحيدة التي يتم تصديرها وتسليط الضوء عليها بشأن إفريقيا.
ولكن في أوائل العقد الأول من القرن الـ 21، بدأت وسائل الإعلام الدولية في سرد قصص جديدة عن إفريقيا جنوب الصحراء. ونشرت منافذ رائدة مثل مجلة الإيكونوميست قصصًا رئيسة عن “إفريقيا الصاعدة” النابضة بالحياة اقتصاديًا،
ومع الاستهلاك المزدهر، وفرص الاستثمار والابتكار التكنولوجي. وسرعان ما تبنت مراكز الفكر الدولية ومجموعات الشتات السردية الإيجابية الجديدة عن إفريقيا، حتى أصبحت عبارة “إفريقيا الصاعدة” عبارة إلزامية تُطبق على القارة.
وقد لوحظ هذا التحول الهائل ونوقش على نطاق واسع في وسائل الإعلام والمنتديات عبر الإنترنت والمؤتمرات – ولكن لم يتم البحث فيه بشكل منهجي. لكن من المهم ملاحظة أن هذه التغييرات لم تتم بالشكل ذاته عبر كافة مؤسسات صناعة الأخبار.
-
لماذا تخطئ وسائل الإعلام الغربية في التعامل مع إفريقيا؟
قبل بضع سنوات، وإزاء الأحداث المتلاحقة في دارفور، كان بعض الخبراء في شؤون السودان قد بدأوا بالتنديد بالتصوير المبسط الذي تقدمه وسائل الإعلام الغربية للصراعات في إفريقيا، ولماذا يحدث هذا؟ يجيب عن ذلك مقالاً بعنوان “لماذا نسيء فهم الصراع في إفريقيا باستمرار؟” بقلم الدكتورة لوسي هوفيل، وهي باحثة في مبادرة حقوق اللاجئين الدولية.
وتزعم هوفيل أنّ “التفسيرات الاختزالية” للصراعات في إفريقيا، تؤدي إلى صِيَغ سلامٍ محكوم عليها بالفشل تستند إلى تشخيصات تبسيطية للمشاكل، تهتم باللغة أكثر، وتزعم أنه من المستحيل على المراسل الغربي الذي يتحدث الإنجليزية فقط أنْ يلتقط جوهر ما يعنيه أنْ يكون جنوب السودان متعدد اللغات، ومتعدد الهويات في حالة حرب، على نحو يجعلنا نقول أنّ إفريقيا لا يتم الاستماع إليها بشكل صحيح.
إنّ من الأمور التي لا بأس بها على الإطلاق أنْ يتم تذكير الصحفيين الذين يهبطون بالمظلات في مناطق حرب غير مألوفة عليهم، بضرورة إبقاء عقولهم منفتحة، وتسجيل ما يقوله الناس على الأرض بدقة، بدلًا من وضع افتراضات مسبقة بشأن ما سيقوله هؤلاء.
-
إفريقيا والخروج من فخ الكتابة النمطية
إنّ العديد من الأفارقة الذين يستطيعون قراءة وكتابة لغات المستعمر الغربي في إفريقيا، يشعرون بعدم الارتياح إزاء ما يرونه من عدم مبالاة متكررة بقضاياهم من خلال كيفية تسجيلها، والكتابة عنها، وخاصة من قِبَل الصحفيين والأكاديميين الغربيين. إنّ هذا الموضوع شائع بين الكتاب الأفارقة، وعليه يدعو هذا المؤلَّف الصحفيين والكتاب الغربيين إلى ضرورة تعلم المزيد (من الأفارقة أنفسهم) حول التعقيدات المحيطة بكون المرء أفريقيًا، وهو ما قد لا يتعلمونه من الأكاديميين الذين غالبًا ما يكونوا غارقين في تعميمات وافتراضات كبيرة عفي عليها الزمن، لا أساس لها بالواقع الإفريقي الذي يتلمسه الأفارقة المعايشين له.
-
الثورة التكنولوجية ورواية القصص عن إفريقيا.. كينيا نموذجًا
في هذا الجزء، يناقش الكتاب كيف توفر وسائل التواصل الاجتماعي، مثل: تويتر (إكس حاليًا) أداة هامة لدحض الرؤى الغربية حول القارة، وبخاصة في الدُّول التي تشهد نِسَبًا عالية من الإلمام بالقراءة والكتاب والدخول على الإنترنت، مثل: كينيا التي أطلق مواطنوها هاشتاج #SomeonetellCNN كرد على محطة سي إنْ إنْ الأمريكية التي أذاعت رواية صحفي بالمحطة حول العنف المحتمل بمنطقة الوادي المتصدع في كينيا، على نحو وصفه الكينيون بالمبالغة وإثارة العنف.
وتلقت الشبكة الأمريكية حينها درسًا قاسيًا في مدى تصميم الكينيين على السيطرة على روايتهم. وبدا أنّ ثلاثة افتراضات تدعم إنشاء تقرير الصحفي المثير للذعر ونشره. الأول: أنّ الكينيين لن يروا التقرير. والثاني: أنّ الكينيين لن يتفاعلوا معه. والثالث: أنه لا يمكن نشر أيّ ردود فعل تدحض الرواية المبالغ بها عن كينيا. وكل هذه الافتراضات، كانت مربكة وخاطئة تمامًا.
ومن الممكن أنْ يكون الصحفي محقًا بعض الشيء، وأنّ بعض الناس كانوا يستعدون للعنف بهذه المنطقة. لكن ما أغفلته قناة CNN أنّ هؤلاء لم يمثلوا سوى قلة قليلة؛ لكن كان الافتراض هو أنّ هؤلاء الأفراد كانوا القاعدة وليس الاستثناء. وعليه، فقد جسَّد رد الفعل الكيني تحت هاشتاج #SomeonetellCNN مثالًا على قدرة الأفارقة عبر وسائل التواصل الاجتماعي على أن يخلقوا روايتهم المضادة بشأن قضية ما، إزاء الروايات المغلوطة في بعض وسائل الإعلام الأجنبية حول الواقع المعايشين له.
-
الإيدز في إفريقيا ووسائل الإعلام البريطانية
منذ ثمانينيات القرن العشرين، لعب “الإيدز في أفريقيا” دورًا محوريًا في الصورة الإعلامية السائدة للقارة. والواقع أنّ الإيدز وإفريقيا كان ولايزال يُنظَر إليهما على أنهما مترادفان تقريبًا، وذلك بفضل تغطية وسائل الإعلام الأجنبية، وبخاصة البريطانية، وتركيزها المبالغ به على تفشي المرض بالقارة.
وفي هذا السياق، توصلت دراسة عن استقبال الجمهور الأجنبي للتغطية الإخبارية عن المرض، وربطه بالقارة، في المملكة المتحدة، إلى أنّ معظم المشاركين ربطوا المرض بالانتماء الإفريقي واللون الأسود نفسه.
كما حرصت هذه الوسائل على ربط المرض بالفقر بطريقة تترك الباب مفتوحا أمام رد الفعل اللاواعي لدى الغربيين؛ لربط الفقر والمرض ببعض الاختلافات العرقية أو الإثنية في القارة، بدلًا من وضع كليهما في أنماط أكبر، والبحث في الأسباب الجذرية التي تتعدى الحدود المكانية للقارة، والتي تسببت بشكل أو آخر في هذه الوضعية الهشة، والتي لا تنفصل بأي حال عن الاستعمار (التقليدي والحديث) الذي أسهم في تخلف القارة عبر استنزاف ثرواتها ومقدراتها، وإبقائها هشة في مواجهة تحديّاتها.
رابعًا: رؤية نقديّة
تتفق الباحثة عقب القراءة المتعمقة لهذا الإسهام الفكري الثري مع الانتقادات التي وجهها بعض الأكاديميين له، رغم ريادته في جوانب عدة تمت الإشارة إليها، والتي كان أبرزها أنه اعتمد في كثير من الأحيان على مقالات كان جُلَّها يفتقد للأساس النظري الرصين فيما يتعلق بصورة أفريقيا الذهنية في وسائل الإعلام الأجنبية.
فعلى الرغم من أنه قدّم منظورًا دقيقًا حول تمثيل وسائل الإعلام الدولية لأفريقيا، مثل: مثل بي بي سي، سي إن إن، شبكة تلفزيون الصين الدولية، إلا أنه يفوَّت الفرصة لتقديم اتجاه نظري قوي لدراسة صورة وسائل الإعلام في أفريقيا.
كما إنه سلط الضوء على دراسة تمثيل وسائل الإعلام باعتبارها عالقة فقط في نظريات وأساليب هذه الوسائل الإخبارية دون التركيز على عوامل أخرى. ومن المخيب للآمال، أنّ الإعلام الغربي ظلَّ النقطة المحورية طوال صفحات الكتاب، دون التعمق في المقارنة مع وسائل إعلام محلية (أفريقية) بديلة، حول تمثيل أفريقيا.
خاتمة
إجمالًا، يحاول هذا المؤلَّف، الثري ومتعدد الرؤى، تسليط الضوء حول غياب الموضوعية فيما يخص التمثيل الخارجي لإفريقيا عبر وسائل الإعلام الأجنبية، والتي لم تكن لتتوافق مع حقائق القارة سريعة التغير.
كما ثبت في كثير من الأحيان أنّ تصوير وسائل الإعلام يبدو غير قادر على مواكبة التغييرات الحقيقية، كما أنها غير راغبة في الإشارة إلى الروابط والعقليات الاستعمارية القديمة التي أوصلت القارة لبعض من هذه الاضطرابات أو التوترات التي يتم تسليط الضوء عليها.
وفي الأخير، يؤكد الكتاب على أنّ القبضة الإمبريالية على إفريقيا لم تختفِ؛ لكنها غيرَّت أنماطها وأدواتها، كالإمبريالية العسكرية والإعلامية الأمريكية، والتجارية والإعلامية الصينية، وممارساتهما لقوة غير مسبوقة في جميع أنحاء إفريقيا، على نحو يضع القارة ككائن قابل للاستغلال، ويفتقر إلى القدرة على التطور والازدهار بشكل مستقل عن القوى الخارجية.
وبالتالي، تعزيز الصور النمطية والتبعية الدائمة، والاستمرار في دائرة أن قصة التنمية في أفريقيا لا يمكن أن تتحقق دون المساعدات والعون الخارجي.
____________________________________
مصدر الكتاب:
Mel Bunce, Suzanne Franks, and Chris Paterson (Eds.), Africa’s Media Image in the 21st Century, (London & New York: Routledge, 2017).