في خطوة مهمة لدعم البحث التاريخي الأفريقي، أعلن اتحاد المؤرخين الأفارقة عنْ إطلاق “مجلة اتحاد المؤرخين الأفارقة“، في مشروعٍ جديدٍ يشكل نافذة علمية متخصصة تهدف إلى تعزيز التراث الثقافي والتاريخي للقارة الأفريقية ووتوثيقه.
وفي هذا المضمار، تواكب أفريكا تريندز (المنصة الأفريقية لدراسة الاتجاهات الثقافية والاجتماعية) هذه المبادرة التي تأتي في إطار جهود اتحاد المؤرخين الأفارقة لبناء قاعدة معرفية متكاملة تقدم دراسات وأبحاثًا أكاديمية رصينة.
وتسعى المجلة إلى أنْ تصبح مرجعًا لأبحاث دقيقة تسلط الضوء على مختلف جوانب التاريخ الأفريقي، كما تهدف إلى تعزيز التعاون بين المؤرخين الأفارقة، وإبراز دور القارة عالميا،ً من خلال توثيق تراثها، وتقديمه في سياق علمي موضوعي.
جدول المحتويات
فريق العمل والتحرير
يتألف فريق عمل مجلة اتحاد المؤرخين الأفارقة من نخبة من الأكاديميين والخبراء الأفارقة الذين يمثلون مختلف التخصصات والدول الأفريقية، مما يثري المجلة بتنوع ثقافي وفكري فريد. حيث يتولى الدكتور عادل بن محمد جاهد، من المغرب، منصب رئيس التحرير، ويتمتع بخبرة أكاديمية واسعة في التاريخ الأفريقي، ما يضعه في موقع قيادة فريق العمل نحو تحقيق رؤية المجلة الطموحة.
البروفيسور حاتم الصديق محمد أحمد، من السودان، يشغل دور مدير النشر المسؤول، ويمثل حضوره في الفريق ركناً مهماً لضمان نشر الأبحاث بمعايير مهنية عالية. كما يتعاون في تنسيق التحرير الأستاذ مصطفى ياسين من مصر، ويسهم بشكل كبير في تنظيم المحتوى وضمان انسجامه العلمي.
وتضم هيئة التحرير باحثين مميزين، منهم الدكتورة بهيجة الشاذلي (المغرب)، والبروفيسور محمد المختار جي (السنغال)، والدكتور إبراهيم برمة أحمد (تشاد)، وآخرين من عدة دول أفريقية مثل تونس، جمهورية أفريقيا الوسطى، بنين، ليبيا، وغينيا كوناكري. هذا التنوع الإقليمي يعكس التزام المجلة بتقديم منظور شامل يغطي أبعاد التاريخ الأفريقي المتعددة، مما يعزز من موضوعيتها ويعمق فهم القارئ لجوانب مختلفة من تراث القارة.
أهداف مجلة اتحاد المؤرخين الأفارقة
تَرْنُو مجلة اتحاد المؤرخين الأفارقة إلى إرساء دعائم علمية متينة للنهوض بالدراسات التاريخية الأفريقية، وتستند في رؤيتها إلى الأهداف الاستراتيجية العميقة لاتحاد المؤرخين الأفارقة. وتمثل المجلة منارة معرفية تُشعّ بأبحاث محكمة تُعنى بتوثيق التراث الأفريقي بأسلوب أكاديمي رصين، يحرص على تقديم السرد الأفريقي بشفافية وموضوعية.
وباعتبارها امتداداً لرسالة اتحاد المؤرخين الأفارقة، تُعزز المجلةُ التعاونَ بين الأكاديميين والمختصين عبر القارة؛ حيث تفتح أبوابها أمام الباحثين الأفارقة لتبادل الأفكار، وتلاقح الرؤى حول قضايا محورية، تمتد عبر فترات ما قبل الاستعمار وما بعده. وبذلك، تُسْهِم المجلة في إثراء الساحة الأكاديمية العالمية بوجهات نظر أصيلة، تُعبّر عن واقع القارة الأفريقية وتاريخها العريق.
وفي إطار هذا الطموح، تستهدف المجلة إبراز المساهمات الحضارية الأفريقية وأثرها العميق في مسيرة التطور الإنساني. ومن خلال نشر أبحاثٍ تعكس عمق التراث الثقافي والتاريخي للقارة الأفريقية ووتنوعه، تعمل مجلة اتحاد المؤرخين الأفارقة على بناء جسور تواصل قوية بين الباحثين الأفارقة والعالم، وتؤكد مكانة أفريقيا كحاضنة حضارية عريقة ذات تأثير ثقافي وفكري واسع النطاق.
كما تركز المجلة على مواجهة تحديات توثيق التراث من منظور أفريقي بحت، بعيدًا عن السرديات المستوردة، مقدمة منصة حيادية تعيد صياغة السرد التاريخي الأفريقي بروح أصيلة ونظرة معاصرة.
أقسام المجلة: محتوى متنوع ومتخصص
تقدم مجلة اتحاد المؤرخين الأفارقة محتوى متنوعاً ومتخصصاً يثري مجالات البحث التاريخي، ويغطي جوانب شتى من التراث الأفريقي. وتُقسم المجلة إلى عدة أقسام أساسية، يُسهم كلٌ منها في تحقيق رسالة المجلة الشاملة في التوثيق والنشر الأكاديمي، ويمكن توضيحها فيما يلي:
- بحوث ودراسات: يختص هذا القسم بنشر الأبحاث الأكاديمية التي تتناول موضوعات متنوعة من تاريخ أفريقيا، ويقدم تحليلات معمقة تستند إلى منهجيات علمية رصينة.
- إصدارات جديدة: يهدف هذا الركن إلى تقديم مراجعات لأحدث الكتب والإصدارات التي تتناول الشأن الأفريقي، مما يُسهم في إثراء المكتبة الأفريقية بموارد جديدة.
- أطروحات: يقدم هذا القسم مختارات من أطروحات الماجستير والدكتوراه حول موضوعات ترتبط بتاريخ القارة، مما يمنح الباحثين الناشئين فرصة لعرض أعمالهم.
- بيبليوغرافيا: يركز هذا الركن على جرد دوري للدراسات التي تناولت مناطق ودولًا محددة من أفريقيا، مقدماً مراجع موثوقة تسهل على الباحثين الوصول إلى مصادر متعددة.
- تحقيقات: يوفر هذا القسم تقارير موسعة حول موضوعات محددة من التراث الأفريقي، مثل الفن المعماري أو التراث الشفهي، ما يعكس جوانب تاريخية مغفلة.
- شخصية العدد: يتم تخصيص هذا الركن للتعريف بشخصيات أفريقية تاريخية كان لها دور بارز في تطور الحضارة الأفريقية، كالقادة والفلاسفة والمفكرين.
- محور العدد: يختار هذا القسم موضوعاً أفريقياً محدداً يتم تناوله بعمق، ليصبح مرجعًا شاملاً يُسلّط الضوء على زوايا متعددة من القضايا التاريخية الأفريقية.
تُعبر هذه الأقسام المتنوعة عن التزام مجلة اتحاد المؤرخين الأفارقة برؤية معرفية شاملة، تتبنى التحليل المتعدد الأبعاد وتُقدّم محتوى يواكب احتياجات الباحثين والمتابعين للشأن الأفريقي.
دور المجلة في تعزيز الهوية الأفريقية
ستلعب مجلة اتحاد المؤرخين الأفارقة دورًا بارزًا في مواجهة الفجوات القائمة في السرد التاريخي الأفريقي، إذْ تعيد الاعتبار لروايات ووقائع ظلت مغيبة عن الساحة الأكاديمية العالمية. ورغم عمق الإرث الحضاري والثقافي الأفريقي، إلا أن جزءًا كبيرًا من هذا التراث لم يتم توثيقه بما يكفي، وغالبًا ما طغت عليه وجهات نظر استشراقية أبعدته عن سياقه الأفريقي الأصيل. من هنا، تأتي المجلة لتفتح نوافذ جديدة تسلط الضوء على هذا التاريخ المهمش، ساعيةً إلى تقديمه بروح وفكر أفريقيين يعكسان ثراء التجربة الإنسانية في القارة.
وفي الوقت ذاته، تدرك المجلة أهمية سد فجوات البحث القائمة، خاصة فيما يتعلق بالتاريخ الشفوي الذي يمثل أحد أهم مصادر المعلومات في العديد من المناطق الأفريقية. بينما تسعى الأجيال الحالية لتعزيز الفخر بهويتها الأفريقية، تُعدّ المجلة حلقة وصل بين التراث القديم والطموحات الحديثة؛ فهي تُسهم في بناء جسور بين الجيل الحالي وتاريخه العريق، وتتيح للأفارقة فرصة امتلاك سردهم التاريخي، ما يسهم في إحياء الهوية الأفريقية وبث روح الاعتزاز بالماضي.
وبذلك، تلبي مجلة اتحاد المؤرخين الأفارقة طموحات شعوب القارة في أن يكون تاريخها مسجلاً بأقلام أفريقية، يروي تفاصيل رحلتها الحضارية من منظورها الخاص، بعيداً عن التحريف أو النمطية التي لطالما رافقت التوثيق الخارجي.
تحديات وآفاق مستقبلية
قد تواجه مجلة اتحاد المؤرخين الأفارقة تحديات متعددة تتعلق بتعقيدات توثيق التاريخ الأفريقي من منظور أفريقي خالص، في ظل ندرة الموارد المادية والبشرية التي تضمن استمرارية مثل هذه المشاريع الطموحة. ويتمثل أبرز هذه التحديات في نقص التمويل، الذي قد يؤثر بشكل مباشر على قدرة المجلة على الوصول إلى مصادر تاريخية موثوقة، وتوظيف باحثين متخصصين، ونشر الإصدارات العلمية بشكل منتظم.
ويتطلب تجاوز هذا العائق شراكات استراتيجية مع مؤسسات محية وإقليمية وقارية؛ بل ودولية؛ فضلا عن توفير الدعم من مؤسسات أكاديمية مختلفة؛ لضمان يقاء المجلة صرحاً علميا مؤثراً في الدراسات التاريخية الأفريقية.
وعلى صعيد آخر، تبرز صعوبة الوصول إلى بعض الوثائق والمخطوطات الأفريقية الموزعة في أرشيفات أجنبية بعيدة عن متناول الباحثين الأفارقة. لأنّ كثير من هذه المصادر التاريخية نُقِلتْ خلال فترات الاستعمار، ما يجعل المجلة في مواجهة تحدٍّ حقيقي يتعلق باستعادة هذه المواد، أو الوصول إليها عبر اتفاقيات تعاونٍ مع المكتبات والأرشيفات الدولية. كما يتطلب توثيق التاريخ الشفوي الذي لا يزال قائمًا في عدة مناطق، منهجيات بحث دقيقة تُراعي الدقة العلمية، مع الحفاظ على أصالة الروايات الشعبية.
وفيما يتعلق بالآفاق المستقبلية، تطمح المجلة إلى أنْ تصبح مرجعاً قارّيّاً وعالميا للتاريخ الأفريقي؛ حيث توفر قنوات موثوقة للنشر الأكاديمي، وطرح زوايا تحليلية جديدة، تُبرز العمق الثقافي للقارة. وتسعى أيضاً إلى تطوير قاعدة بيانات رقمية تسهّل الوصول إلى المحتوى الأرشيفي وتحديثه باستمرار؛ ليصبح متاحاً للأكاديميين والباحثين على مستوى القارة والعالم.
وبمناسبة الإعلان عن انطلاق مجلة اتحاد المؤرخين الأفارقة، تسعى المجلة إلى أنْ تكون مرجعًا بحثيًا يجسد الهوية الأفريقية وثراء تاريخ القارة، وتوفر قنواتٍ علمية لتوثيق أحداث التاريخ الأفريقي من منظورٍ أصيل، مع التركيز على التنوع الثقافي والعمق الحضاري.
هذه المبادرة تتعتبر دعوةً مفتوحة للباحثين والأكاديميين الأفارقة للمشاركة في إحياء السرد التاريخي الأفريقي؛ سواءً بتقديم الأبحاث أو بدعم المجلة؛ لضمان استمرار هذا الجهد المشترك في رسم صورة متكاملة للقارة الأفريقية أمام العالم.