ملفات المرشحين المحتملين في رئاسيات نيجيريا 2023 للانتخابات العامة أصبحت ضمن أهم موضوعات الساحة السياسية في نيجيريا وخارجها. من أجل ذلك، لقد بدأت مجموعات وأحزاب سياسية مختلفة في جميع أقاليم نيجيريا إعادةَ ترتيب أوراقها وحساباتها للانتخابات العامة القادمة، وقد عززت هذه التحركات إعلان اللجنة الانتخابية الوطنية المستقلة (Independent National Electoral Commission = INEC) في أكتوبر الماضي (2020) بأنّ الانتخابات الرئاسية لعام 2023م ستُجرَى في يوم 18 فبراير (2023م). وبالتالي يَطْوي هذا صفحات الانتخابات العامة الأخيرة التي أُجْرِيت في 23 فبراير (للرئاسة والجمعية الوطنية) و 9 مارس (لحُكام الولايات ومجالسها) من عام 2019م.
وقد اضطرّ الرئيس النيجيري “محمد بخاري” في العام الماضي (2020م) إلى نفي الإشاعات والمزاعم التي تفيد بأنه سيسعى لتعديل الدستور والترشح لولاية رئاسية ثالثة في عام 2023م بعد انقضاء ولايته الحالية (الثانية والأخيرة وفق الدستور). وهذا الإنكار – إذْ يمنح لشخصيات طموحة على أعلى منصب في البلاد فرصة تجربة حظوظهم؛ إلا أنّ تحركات النخبة نحو انتخابات 2023م من الآن بمثابة إلهاء عن القضايا الوطنية الرئيسة التي تشمل ضرورة الحدّ من أنشطة “بوكو حرام” و حركة “السكان الأصليين في بيافرا” (Indigenous People of Biafra = IPOB)، إضافة إلى أزمة البطالة وقضية إعادة الهيكلة السياسية.
جدول المحتويات
الحزب الحاكم وملفات المرشحين المحتملين في رئاسيات نيجيريا 2023
يبدو من تحركات الأعضاء ذوي النفوذ في حزب “مؤتمر جميع التقدميين” الحاكم (All Progressives Congress = APC) وكأن هناك شبه اتفاق على دعم الزعيم “بولا أحمد تينوبو” لخوض الرئاسيات القادمة. وما يفاجأ في الأمر أن “تينوبو” شخصية مسلمة من الجنوب، بينما تقتضي العادة السياسية في نيجيريا منذ عام 1999م أن يُتداول المنصب الرئاسي بين الشمال والجنوب (وجنوب الشرق) وبين المسلم والمسيحي؛ فالرئيس “بخاري” مسلم من الشمال وبالتالي يُتوقع من الأحزاب السياسية أن يقدموا مرشِّحين غير مسلمين من الجنوب.
وهناك من يبرّر موقف حزب “APC” الحاكم – في دعم “تينوبو” على تأمين تذكرة الحزب – بأن للزعيم مواهب وخبرات قيادية ظهرت جليّا عندما حكم ولاية لاغوس وقاد خطتها التنموية وخرّج من حكومته ومؤسساته السياسية عددا من الشخصيات التي تساهم في بناء الدولة النيجيرية منذ أكثر من عقد. واستدل مؤيدوه أيضا أن عادة تداول السلطة بين الشمال والجنوب وبين المسلمين وغيرهم ليست منصوصة في الدستور, وأن ترشيح الزعيم بعد نهاية فترتي ولاية الرئيس “بخاري” بمثابة “مكافأته” على ما قدّم للحزب الحاكم وللرئيس “بخاري” منذ عام 2013.
ولكن، من سيكون نائب الرئيس في حال تأمين الزعيم “تينوبو” تذكرة الترشح للمنصب الرئاسي في حزب “APC” الحاكم لعام 2023؟ البعض يقترح شخصيات مسلمة (بدلا من شخصيات مسيحية كالعادة) من الشمال – وعلى رأس الأسماء المقترحة لمنصب نائب الرئيس الحاج “عبد الله غاندوجي” حاكم ولاية “كانو” الشمالية.
على أن مساعي دعم الزعيم “تينوبو” في حزب “APC” الحاكم يثير تساؤلات كثيرة حول وضع نائب الرئيس النيجيري الحالي البروفيسور “ييمي أوسينباجو”؛ فهو مسيحي من الجنوب تتوفر لديه كل المتطلبات وتصبّ في صالحه عادة تداول السلطة بين الأقاليم وذوي المعتقدات المختلفة.
وإذ لم يعلن كل من الزعيم “تينوبو” ونائب الرئيس الحالي “أوسينباجو” عن نيتهما خوضَ الرئاسيات القادمة بشكل رسميّ، إلا أن عددا من المسؤولين يفضّلونه على الزعيم “تينوبو”؛ لأن الأول تنطبق عليه جميع الأعراف السياسية المتّبعة منذ 1999, بينما ترشيح الثاني – أي “تينوبو” – قد يدخل البلاد في صراع ديني جديد أو أزمة سياسية جديدة.
ويُعضّد ما سبق أيضا تلك الإشاعات المثارة حول حدوث انقسامٍ بين معسكرات الرئيس “بخاري” ونائبه “أوسينباجو”؛ إذ كان شبه المؤكد داخل حزب “APC” الحاكم قبل العامين الماضيين أن نائب الرئيس “أوسينباجو” سيكون الخليفة الفعلي لـ “بخاري” وحامل راية الحزب في عام 2023.
من جانب آخر، تفضل غالبية الشباب وأعداد كبيرة من الدبلوماسيين والأكاديميين حصول نائب الرئيس البروفيسور “أوسينباجو” على تذكرة الحزب الحاكم في انتخابات عام 2023 ليكون استمرارية لبرامج الرئيس “بخاري” في البنى التحتية والمشاريع التنموية, خاصة وأن “أوسينباجو” نفسه قد عزز قضيته عندما تولى إدارة نيجيريا إبان غياب “بخاري” لمدة 150 يومًا لتلقي العلاج في لندن في عام 2017.
بل سجلّ “أوسينباجو” يثبت أنه أكثر نشاطًا وعمليًا في أداء مهامه كنائب الرئيس وكلما يؤدي منصب الرئيس بالإنابة (عند غياب “بخاري”). وأكّدت استجابته للحوادث المهمة أنّ بإمكانه اتخاذ قرارات حاسمة، خاصة وأنه أكثر حداثةً واتصالًا بالناخبين نظرًا لتواصله المستمر مع الشباب ورجال الأعمال وزياراته المستمرة في مختلف ولايات البلاد للمشاركة في إطلاق مشاريع أو افتتاحها.
جدير بالذكر أيضا أن الانقسام بين معسكرات “بخاري” حول الزعيم “تينوبو” ونائب الرئيس “أوسينباجو” سيفتح الباب أمام مرشحين محتملين آخرين داخل حزب “APC” الحاكم إلى حين اتفاق الحزب أو إجرائه لانتخابات داخلية لتحديد مرشح الحزب بشكل رسمي.
ومن بين الأسماء الواردة كمرشحين محتملين (لمنصب الرئيس أو نائبه) تحت راية الحزب الحاكم: “غودلاك جوناثان” – الرئيس النيجيري السابق الذي خدم في المنصب الرئاسي فترة ولاية واحدة فقط (عضويته في حزب PDP المعارض محل الشك)؛ “روتيمي أماتشي” – وزير النقل الحالي والحاكم السابق لولاية “ريفرز” في جنوب نيجيريا؛ الحاج “ناصر الرفاعي” – الحاكم الحالي لولاية “كادونا” في شمال نيجيريا والوزير السابق لمنطقة العاصمة الاتحادية, وغيرهما الكثير.
أحزاب المعارضة والقضايا ملفات المرشحين المحتملين في رئاسيات نيجيريا 2023
يمكن ملاحظة محاولات أبرز المعارضين في نيجيريا منذ السنتين الماضيتين في اختبار الأوضاع السياسية قبل إعلان نية ترشحهم لرئاسيات عام 2023. وهناك عدد من زعماء “حزب الشعب الديمقراطي” (People’s Democratic Party = PDP) المعارض الرئيسي الذين يتوقع خوضهم سباق الانتخابات، وعلى رأسهم الزعيم الحاج “أتيكو أبوبكر” – نائب الرئيس السابق خاض سباق رئاسيات في نيجيريا دون جدوى في أعوام 1993 و 1998 و 2007 و 2011 و 2015 و 2019.
بل ويلاحظ أيضا أن الحاج “أتيكو” قد كثّف انتقاداته مؤخرا لسياسات غريمه الرئيس “بخاري” وتعامله مع الملفات الاقتصادية والأمنية، وخاصة فيما يتعلق بارتفاع هجمات “بوكو حرام” بعد انخفاضها، وتزايد حوادث اختطاف الطلاب من مدارسهم بمناطق شمالية وتصاعد المواجهة المسلحة بين الرعاة والفلاحين وقمع مظاهرات إنهاء وحشية الشرطة. وهي انتقادات قد تهدف إلى دراسة الساحة السياسية قبل إعلان نيته أو قد تكون لتعزيز موقف حزبه المعارض.
على أن أحزاب المعارضة في نيجيريا لا تزال بحاجة إلى التركيز على القضايا الرئيسية الشائكة وتقديم حلول محتملة للتحديات القائمة – بدلًا من استغلال أحداث معيّنة لإثارة النعرات العرقية والصراعات الدينية, وذلك لحاجتها إلى إقناع الناخبين المحتملين على التصويت لها ولإثبات قدرتها على المضي قدما في تنفيذ الإصلاحات اللازمة في حال فوزها في عام 2023. وهناك حاجة أيضا إلى إعادة ترتيب البيت الداخلي لجل أحزاب المعارضة؛ فحزب “PDP” المعارض الرئيسي يواجه انقسامات داخلية بين مؤيدي ترشيح الحاج “أتيكو” (من الشمال) لخوض سباق عام 2023 وبين من يرى أحقية إعطاء تذكرة الحزب لشخص من جنوب الشرق، وأن ترشيح شخصية شمالية سيضرّ بفرص فوز الحزب أمام مرشح الحزب الحاكم من الجنوب -لأن الدور الرئاسي للجنوب بعد انتهاء دور الشمال الذي تمثّله ولايتا الرئيس “بخاري”.
يضاف إلى ما سبق أن هناك من يقترح لحزب “PDP” أن يتحالف مع أحزاب المعارضة الأخرى في اختيار مرشح إقليمي قوي وتشكيل ائتلاف على المستوى الوطني، حيث أظهرت انتخابات 2019 أن غالبية أحزاب المعارضة – باستثناء “PDP” – تتقاسم فيما بينها القواعد الشعبية والبنى التحتية التي قد تساعد على هزيمة حزب “APC” الحاكم في الرئاسيات.
دروس مستفادة من عام 2019 وافتراضات للمرشحين المحتمين في رئاسيات نيجيريا 2023
هناك العديد من الدروس التي يمكن أن تستفاد من نتائج الانتخابات الأخيرة في عام 2019م وعدد من الافتراضات نظرا لطبيعة الاستعدادات نحو انتخابات عام 2023م، ويمكن تلخيص هذه الدروس والافتراضات فيما يلي:
أولا: غياب الرئيس بخاري
غياب الرئيس “بخاري” في سباق 2023م يعني اختفاء ما يسميه البعض بـ “تأثير بخاري” (Buhari’s effect). ويعني أيضا أن حزب “APC” الحاكم سيضطر إلى إعادة رسم خريطته الانتخابية قبل عام 2023م لاستقطاب ملايين من الأصوات، خاصة في ظل وجود معارضين أقوياء في الشمال ومعارضة البعض في الجنوب إمكانية ترشيح الزعيم “تينوبو”. وقد أظهرت نتائج انتخابات حُكّام الولايات في عام 2019 أن جل الناخبين في ولايات شمالية – مثل “بوتشي” و “سوكوتو” الذين صوتوا لـ “بخاري” في الانتخابات الرئاسية – لم يدعموا حزب “بخاري” الحاكم (APC) في انتخابات حُكام الولايات.
ثانيا: احتمال انفتاح الساحة الانتخابية للجميع
من المرجح أن تكون الساحة الانتخابية في عام 2023 مفتوحة أمام الجميع، ولن يكون مفاجئًا رؤية حُكام الولايات أو المشرّعين الفيدراليين ذوي النفوذ وهم يعلنون نواياهم في المنافسة على المنصب الرئاسي في قادم الشهور سواء من الحزب الحاكم أو الأحزاب المعارضة، وبالتالي لن يكون هدف “APC” الأساسي في عام 2023 مجرد التغلب على حزب “PDP” المعارض الرئيسي, ولكن أيضا مواجهة دوامة الحملة المفتوحة والتعامل مع حركات وأحزاب القوة الثالثة التي قد تقود شخصيات شابة في جميع أنحاء البلاد.
ثالثا: التفاعل في منصات التواصل الاجتماعي
اتسمت انتخابات 2019 بزيادة جودة الحوارات والتركيز على أهم القضايا الشائكة التي ساعدت الناخبين وخاصة الشباب على مناقشة برامج المرشحين فيما بينهم على وسائل التواصل الاجتماعي وتكوين آراء حول القضايا المثارة فيها، وقد زاد تبنّي السياسيين لمواقع التواصل الاجتماعية منذ 2019 حيث عززوا مشاركتهم الرقمية بسبب زيادة تفاعل الناخبين مع القضايا المختلفة على المنصات الاجتماعية، وهذا التفاعل أيضا سيفيد الناخبين الشباب في انتخابات عام 2023 نظرا لكون الحشد في المواقع الاجتماعية من الأدوات الأساسية التي أدت إلى الإطاحة برئيس مجلس الشيوخ السابق “بوكالا ساراكي” وغيره، وهزيمة حُكام الولايات الذين كانوا يسعون إلى تأمين عضوية مجلس الشيوخ في عام 2019.
رابعا: التشكيك في شفافية الانتخابات
لا يزال هناك من يشكك في شفافية انتخابات 2019 ونزاهة الانتصارات التي وقعت فيها، ومن الواضح حسب تصريحات المسؤولين أن العديد من التحديات والمشاكل الهيكلية للجنة الانتخابية المستقلة لن تتم معالجتها بحلول عام 2023، مما يعني أن هناك احتمال تكرار شكاوى التزوير ووقوع مواجهات بين الموالين والمنشقين وبين مراقبي الانتخابات في مختلف الأحزاب السياسية.
وأخيراً، لا يمكن الجزم في الوقت الحالي بمن سيحمل راية الأحزاب السياسية الرئيسية في الانتخابات العامة القادمة، حيث كانت الأحزاب والمشهد السياسي في حالة تغيّر مستمر، مما يعني أن الساحة بحلول عام 2023 قد تبدو مختلفة مما كانت عليها الآن.
للكتابة معنا، اضغط هنا
للمزيد:
2023: APC having presidential candidate from North unconstitutional —Ndume: https://bit.ly/3fVeUpV APC denies planning to field Goodluck Jonathan for 2023 presidential election: INEC announces date for 2023 Presidential elections: Nigeria: Will Tinubu choose a Muslim running mate for 2023? The political calculus for Nigeria’s next presidential elections is kicking off three years early: