جدول المحتويات
مفهوم مصطلح دبلوماسية الحج
الحج من أحد ركائز الدين الإسلامي الذي لا تختلف المذاهب الفكرية الإسلامية المتنوعة فيه. فهو يشكل تجمعاً روحياً واجتماعياً وسياسياً ودبلوماسياً وعلمياً واقتصادياً كبيراً للعالم الإسلامي وغيره من الدول والمناطق التي ليست داخلة في مصطلح العالم الإسلامي. فلا تكاد تجد دولة في العالم اليوم إلا وهي ممثلة في مراسم الحج ومواسمه في البقاع المقدسة والتي تحويها المملكة العربية السعودية.
فاصطلاح دبلوماسية الحج هو عبارة عن قوة ناعمة تستخدمها المملكة العربية السعودية المضيفة للحجاج في مد جسور التواصل بين الشعوب الإسلامية باختلاف مذاهبها الفقهية والفكرية والعقدية والفكرية والسياسية والايديلوجية، وكذلك بينها وبين الدول غير الاسلامية التي يقطن فيها المسلمون.
نطاق استخدامات دبلوماسية الحج
فقد يُسْتَخدم الاصطلاح في نطاقه الواسع ليشمل الدول التي تُقَدّم مِنَحَ الحجّ لدول ومجتمعات فقيرة كصيد عصفورين بحجر واحد؛ وهما اكتساب الأجر من الله، واتخاذ مِنَح الحج كقوة دبلوماسية ناعمة بين الدول المانحة والممنوحة لها. فقد عبرت نقاشات الدبلوماسية في الوقت الحاضر عن دبلوماسية الحج حتى بين الدول المنافسة سياسياً وإيديلوجياً كما حصل بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية اللتين وجدتا توتراً سياسياً حاداً منذ ٢٠١٦م.
فعند اللقاء بمبعوث وزير الحج السعودي، توفيق الربيعة، برئيس منظمة الحج الإيراني، صادق حسني، بتاريخ ٢١/٦/٢٠٢٢م ” تطرق حسيني إلى الخلاف السياسي بين الرياض وطهران، وأعرب عن أمله في أن تشارك دبلوماسية الحج جنباً إلى جنب مع الدبلوماسية السياسية لحل الخلافات. ومن نماذج دبلوماسية الحج، هو ما تقدمه بعض الدول الإسلامية عن طريق وزاراتها الخارجية ومؤسساتها الخيرية للدول الصديقة، كمِنَح تأدية فريضة الحج.
فالمملكة العربية السعودية في منصة برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين الذي دشنه الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود عام ١٤١٧هـ الموافق ١٩٩٦م وتابعه الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود – رحمها الله – ولازال يراعيه مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – أيده الله– بعد مرور ما يقرب من ٢٦ سنة من البرنامج، فقد استقطب أكثر من ٤٥ ألف شخص من طبقات الساسة المؤثرين في أكثر من ١٠٠ دولة في صياغة وتنفيذ السياسات الخارجية، إما مباشرة أم غير مباشرة.
كما استهدف البرنامج تحقيق الدبلوماسية الشعبية وذلك باستضافة الشخصيات البارزة المؤثرة من الأئمة والمشايخ ورؤساء المؤسسات الخيرية والمفتين والمحامين والقضاة والناشطين وطلبة العلم.
وتقوم بالممارسة المماثلة جملة من الدول الإسلامية والعربية، فمثلاً، دولة الامارات العربية المتحدة تقدم مئات منح الحج سنوياً للدول الإسلامية الصديقة وكذلك المملكة المغربية تقوم بنحو ذلك. ودولة قطر عن واسطة وزارتها الخارجية تقدم عدداً من تذاكر الحج سنوياً لأفراد وحكومات صديقة.
وفي المجمل، موسم الحج موسم روحاني وديني كبير ولكن بات – ولا بأس في ذلك – مصدراً لتعزيز القوة الناعمة للدول الإسلامية الثرية لتوطيد علاقاتها مع الدول والمتجمعات الإسلامية في الخارج.
تاريخ مصطلح دبلوماسية الحج
تاريخيَاً، قد ترجع فكرة دبلوماسية الحج إلى حادثة صلح الحديبية؛ حيث أنتجت قريحة دبلوماسية النبي – صلوات الله وسلامه عليه – صلحاً مع المشركين لما منعوه من الدخول في مكة المكرمة واشترطوا عليه شروطاً، فوافق عليها بيْدَ أنّها كانت شديدة على نفوس بعض الصحابة – رضوان الله عليهم – حيث إنهم فهموا أنّه يُبْدي ضعف المسلمين. ولكن النبي انتهز تلك الفرصة وموسم العمرة لترسيخ كثير من دعائم ممارسات الدبلوماسية في الوقت الحاضر.
فقد تَسْتَخدم الدول الإسلامية موسم الحج للمصالحة ورسم التعاون الاقتصادي والسياسي والاستراتيجي. فإذا كان النبي – صلوات الله وسلامه عليه – تصالح مع المشركين في الحديبية السنة السادسة من الهجرة وهو في طريقه إلى مكة؛ فالمصالحة بين الحكومات الإسلامية والصديقة وربط السلك التعاوني الاقتصادي من باب أولى.
اقرأ للكاتب أيضا:
الشراكة بين القطاعين العام والخاص في تطوير البنية التحتية: فرص الضنهوض للتنمية الإفريقية
_______________________________________________________ للمزيد: [1] - الخليج أونلاين: أول لقاء رفيع بين السعودية وإيران بناقش ملف الحج (٢.٢٢) https://rb.gy/awri9t ٥/ يوليه/ ٢٠٢٢م [1] اليوم السابع: على نفقة الملك سلمان ... برنامج ضيوف خادم الحرمين يستضيف ٥٣٠٠ حاج هذا العام . https://rb.gy/5y1zlv ٦/يوليه/٢٠٢٢
الأفكار الواردة في المقالات والدراسات تعبر عن رأي كاتبيها فقط، وليست بالضرورة تعبر عن منصة الإفريقي للمعرفة ومحرريها